فلو صحت قدوته كما سيأتي ، وإن كانت تكبيرة المأموم متقدمة على تكبيرة الإمام وتعبيره بالمقارنة أولى من تعبير أصله بالمساوقة ، لأن المساوقة لغة مجيء واحد بعد واحد لا معا ( وإن تخلف بركن ) فعلي من غير عذر ولو مع العلم والتعمد وطول الركن ( بأن فرغ الإمام منه وهو ) أي المأموم ( فيما ) أي ركن ( قبله لم تبطل في الأصح ) لخبر { أحرم منفردا ثم اقتدى في خلال صلاته } وأفهم قوله فرغ أنه [ ص: 223 ] لو أدركه قبل فراغه منه لم تبطل قطعا ، والثاني تبطل لما فيه من المخالفة من غير عذر ، وعلم من هذا أن لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود ، فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت لا يضر ، ولا يشكل على هذا ما لو سجد الإمام للتلاوة وفرغ منه والمأموم قائم فإن صلاته تبطؤ إن لحقه لأن القيام لما لم يفت بسجود التلاوة لرجوعهما إليه لم يكن للمأموم شبهة في التخلف فبطلت صلاته به ، بخلاف ما نحن فيه فإن الركن يفوت بانتقال الإمام عنه فكان للمأموم شبهة في التخلف لإتمامه في الجملة فلم تبطل صلاته بذلك ( أو ) تخلف ( بركنين ) فعليين متواليين ( بأن فرغ ) الإمام ( منهما وهو فيما قبلهما ) بأن ابتدأ الإمام هوي السجود : أي وزال عن حد القيام في الأوجه ، بخلاف ما إذا كان للقيام أقرب من أقل الركوع فإنه في القيام حينئذ لم يخرج عنه فلا يضر ، وقد يفهم ذلك من قولهم هوى للسجود ( فإن لم يكن عذر ) بأن تخلف لنحو قراءة السورة أو لجلسة الاستراحة ( بطلت ) صلاته لفحش المخالفة ولتقصيره بهذا الجلوس الذي لم يطلب منه ، وقول جمع إن تخلفه لإتمام التشهد مطلوب فيكون كالموافق : أي المعذور هو الأوجه ، وما ذهب إليه جمع من أنه كالمسبوق ممنوع ( وإن كان ) عذر ( بأن أسرع ) الإمام ( قراءته ) والمقتدي بطيء القراءة لعجز خلقي لا لوسوسة ظاهرة طال زمنها عرفا أو كان منتظرا سكتة إمامه ليقرأ [ ص: 224 ] الفاتحة فيها فركع عقبها ، كما قال المأموم لو طول الاعتدال بما لا يبطله حتى سجد الإمام وجلس بين السجدتين ثم لحقه الشيخ إنه الأقرب خلافا للزركشي في قوله بسقوط الفاتحة عنه أو سها عنها حتى ركع إمامه .
أما المتخلف لوسوسة ظاهرة فلا يسقط عنه شيء منها كمتعمد تركها فله التخلف لإتمامها إلى أن يقرب إمامه من فراغ الركن الثاني فيتعين عليه مفارقته إن بقي شيء منها عليه لإتمامه لبطلان صلاته بشروع الإمام فيما بعده ، والأوجه عدم الفرق بين استمرار الوسوسة بعد ركوع الإمام أو تركه لها بعده ، إذ تفويت إكمالها قبل ركوع إمامه نشأ من تقصيره بترديده الكلمات من غير بطء خلقي في لسانه سواء أنشأ ذلك من تقصيره في التعلم ، أم من شكه في إتمام الحروف أي بعد فراغه منها فلا يفيده تركه بعد ركوع إمامه رفع ذلك التقصير ، خلافا لبعضهم حيث بحث الفرق فيما ذكر وجعل محل ما تقرر عند استمرارها بعد ركوع إمامه ، فإن تركها بعده اغتفر له التخلف بإكمالها ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان طويلة .
إذ لا تقصير منه الآن .