أما المسبوق وهو بخلافه وهو ما بينه بقوله ( فأما مسبوق ركع الإمام في ) أثناء قراءة ( فاتحته فالأصح أنه إن لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ ) بأن قرأ عقب تحرمه ( ترك قراءته وركع ) معه لأنه لم يدرك سوى ما قرأه ( وهو ) بركوعه معه وإن أدركه قبل قيامه عن أقل الركوع ( مدرك للركعة ) فيتحمل الإمام عنه ما بقي منها كما يتحمل عنه جميعها لو أدركه راكعا أو ركع عقب تحرمه ، فإن [ ص: 228 ] تخلف بعد قراءة ما أدركه من الفاتحة لإتمامها وفاته الركوع معه وأدركه في الاعتدال بطلت ركعته لعدم متابعته في معظمها وكان تخلفه بلا عذر فيكون مكروها ، ولو فحكمه كما لو ركع فيها ( وإلا ) بأن اشتغل بهما أو بأحدهما أو لم يشتغل بشيء بأن سكت بعد تحرمه زمنا قبل أن يقرأ مع علمه بأن الفاتحة واجبة ( لزمه قراءة ) منها ( بقدره ) أي بقدر حروفه في ظنه كما هو ظاهر ، أو بقدر زمن سكوته لأنه بالعدول من الفرض إلى غيره منسوب إلى تقصير في الجملة ، والثاني يوافقه مطلقا ويسقط باقيها لخبر { ركع الإمام قبل فاتحة المسبوق } واختاره إذا ركع فاركعوا الأذرعي تبعا لترجيح جماعة ، والثالث يتم الفاتحة مطلقا لأنه أدرك القيام الذي هو محلها فلزمته ، وعلى الأول متى ركع قبل وفاء ما لزمه عامدا عالما بطلت صلاته وإلا لم يعتد بما فعله ، ومتى ركع إمامه وهو متخلف لما لزمه وقام من ركوعه فاتته الركعة بناء على أنه متخلف بغير عذر ، ومن عبر بعذره نظر إلى أنه ملزوم بالقراءة كما أشار لذلك الشارح ، ثم إذا فرغ قبل هوي إمامه لسجوده وافقه ولا يركع وإلا بطلت إن كان عامدا عالما ، وإن فاته للركوع ولم يفرغ وقد أراد الإمام الهوي للسجود فقد تعارض في حقه وجوب وفاء ما لزمه وبطلان صلاته بهوي الإمام للسجود لما تقرر من كونه متخلفا بغير عذر ، فلا مخلص له عن هذين إلا نية المفارقة فتعين عليه حذرا من بطلان صلاته عند عدمها بكل تقدير ، ويشهد له ما مر في متعمد ترك الفاتحة وبطيء لوسوسة ظاهرة ، وما نقله الشيخ عن التحقيق واعتمده من لزوم متابعته في الهوي حينئذ ، ويوجه بأنه لما لزمته متابعته حينئذ سقط موجب تقصيره من التخلف لقراءة قدر ما لحقه فغلب واجب المتابعة ، وعليه فلا يلزمه مفارقته بحسب ما فهمه من كلامه ، وإلا فعبارته صريحة في تفريعه على المرجوح ، أما إذا جهل أن واجبه ذلك فهو بتخلفه لما لزمه متخلف بعذر قاله القاضي .
قال : وصورة تخلفه للقراءة أن يظن أنه يدرك الإمام قبل [ ص: 229 ] سجوده وإلا فليتابعه قطعا ولا يقرأ ، وذكر مثله الفارقي الروياني في حليته والغزالي في إحيائه ، لكن الذي نص عليه في الأم أن صورتها أن يظن أنه يدركه في ركوعه ، وإلا فيفارقه ويتم صلاته ، نبه على ذلك الأذرعي وهو المعتمد ، لكن يتجه لزوم المفارقة له عند عدم ظنه ذلك ، فإن لم يفعل أثم ولكن لا تبطل صلاته حين يصير متخلفا بركنين .
وقضية التعليل بما ذكر أنه إذا ظن إدراكه في ركوعه فأتى بالافتتاح والتعوذ فركع إمامه على خلاف عادته بأن اقتصر على الفاتحة وأعرض عن السنة التي قبلها والتي بعدها يركع معه وإن لم يكن قرأ من الفاتحة شيئا ، ومقتضى إطلاق الشيخين وغيرهما عدم الفرق وهو المعتمد كما قاله الشيخ لبقاء محل القراءة ، ولا نسلم أن تقصيره بما ذكر منتف في ذلك ، إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه .