ويعتبر في جري السفينة أو الزورق إليها ، قاله سفر البحر المتصل ساحله بالبلد البغوي وأقره ابن الرفعة وغيره ، وظاهره مع [ ص: 253 ] ما نقله عن البغوي نفسه في الخراب أن سير البحر يخالف سير البر ، وكأنه لأن العرف لا يعد المسافر فيه مسافرا إلا بعد ركوب السفينة أو الزورق ، بخلافه في البر فإنه بمجرد مجاوزة العمران وإن ألصق ظهره به يعد مسافرا وهذا هو المعتمد ويحتمل أن كلام البغوي محمول على ما لا سور له ، وعلم مما تقرر أنه لا أثر لمجرد نية السفر لتعلق القصر في الآية بالضرب ويخالف نية الإقامة كما سيأتي ; لأن الإقامة كالقنية في مال التجارة ، كذا فرق الرافعي تبعا لبعض المراوزة . قال الزركشي وغيره : وقضيته أنه لا يعتبر في نية الإقامة المكث ، وليس مرادا كما سيأتي فالمسألتان كما قاله الجمهور مستويتان في أن مجرد النية لا يكفي فلا حاجة لفارق ، وينتهي السفر ببلوغ ما شرط مجاوزته ابتداء مما مر سواء أكان ذلك من أول دخوله إليه أم لا بأن رجع من سفره كما قال .
، أو نوى الرجوع له وهو مستقل ماكث وإن كان بمكان غير صالح للإقامة ، فإن كان وطنه صار مقيما بابتداء رجوعه أو بنيته ولا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلى مفارقة وطنه تغليبا للوطن ، وهذا هو المعول عليه وإن نازع فيه جمع متأخرون ، وإن لم يكن وطنه ترخص ، وإن دخلها ولو كان دار إقامته لانتفاء الوطن فكانت كسائر المنازل ، فإن رجع من سفره الطويل ( انتهى سفره ببلوغه ما شرط مجاوزته ابتداء ) من [ ص: 254 ] سور أو غيره ، وإن لم يدخله فيترخص إلى وصوله . لذلك لا يقال : القياس عدم انتهاء سفره إلا بدخوله العمران أو السور كما لا يصير مسافرا إلا بخروجه منه ; لأنا نقول : المنقول الأول ، والفرق أن الأصل الإقامة فلا تنقطع إلا بتحقق السفر وتحققه بخروجه من ذلك ، وأما السفر فعلى خلاف الأصل فانقطع بمجرد وصوله وإن لم يدخل ، فعلم أنه ينتهي بمجرد بلوغه مبدأ سفره من وطنه ولو مارا به في سفر كأن خرج منه ثم رجع من بعيد قاصدا مروره به من غير إقامة لا من بلد مقصده ولا بلد له فيها أهل وعشيرة ولم ينو الإقامة بكل منهما فلا ينتهي سفره بوصوله إليهما ، بخلاف ما لو نوى الإقامة بهما فإنه ينتهي سفره بذلك كما ينتهي فيما ذكره بقوله ( وإذا رجع ) إلى ما شرط مجاوزته من دون مسافة القصر لحاجة كتطهر وأخذ متاع