وإن كانت عظيمة وكثرت مساجدها ، لأنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده لم يقيموا سوى جمعة واحدة ، ولأن الاقتصار على واحدة أفضى إلى المقصود من إظهار شعار الاجتماع واتفاق الكلمة ( إلا إذا كبرت ) أي البلد ( وعسر اجتماعهم ) يقينا عادة ( في مكان ) مسجد أو غيره فيجوز حينئذ تعددها بحسب الحاجة ، لأن ( الثالث ) من الشروط ( أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها ) دخل الشافعي بغداد وأهلها يقيمون بها جمعتين وقيل ثلاثا ولم ينكر عليهم ، فحمله الأكثر على عسر الاجتماع قال في الأنوار : أو بعدت أطراف البلد أو كان بينهم قتال ، والأول محتمل إن كان البعيد بمحل لا يسمع منه نداؤها لشروطه ، وهو ظاهر إن كان بمحل لو خرج منه عقب الفجر لم يدركها لأنه لا يلزمه السعي إليها إلا بعد الفجر كما مر ، وحينئذ فإن اجتمع من أهل المحل البعيد كذلك أربعون صلوا الجمعة وإلا فالظهر ، والثاني ظاهر أيضا فكل فئة بلغت أربعين يلزمها إقامة الجمعة ، وهل المراد اجتماع من تلزمه أو من تصح منه ، وإن كان الغالب أنه [ ص: 302 ] لا يفعلها أو من يفعلها في ذلك المحل غالبا كل محتمل ولعل أقربها الأخير كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ( وقيل لا تستثنى هذه الصورة ) وتحتمل فيها المشقة في الاجتماع ، واقتصر في التنبيه ومتابعيه على هذا وهو ظاهر النص ، وسكوت كالشيخ أبي حامد عن ذلك لأن المجتهد لا ينكر على مجتهد . وقد قال الشافعي بالتعدد . أبو حنيفة
قال السبكي : وهذا بعيد ، ثم انتصر له وصنف فيه أربع مصنفات وقال : إنه الصحيح مذهبا ودليلا .