لأنه اللائق بأدب الخطاب ، ولأنه أبلغ لقبول الوعظ وتأثيره ومن ثم كره خلافه . نعم يظهر في ( و ) يسن ( أن [ ص: 325 ] يقبل عليهم ) بوجهه المسجد الحرام أنه لا كراهة في استقبالهم لنحو ظهره أخذا من العلة المارة ، ولأنهم محتاجون لذلك فيه غالبا على أنه من ضروريات الاستدارة المندوبة لهم كما مر ( إذا صعد ) الدرجة التي تحت المستراح أو استند إلى ما يستند إليه ( ويسلم عليهم ) ندبا للاتباع ولإقباله عليهم ، ويجب رد السلام عليه في الحالين وهو فرض كفاية كالسلام في باقي المواضع ، ويندب رفع صوته زيادة على الواجب للاتباع ، رواه ، ولأنه أبلغ في الأعلام ( ويجلس ) بعد سلامه على المستراح ليستريح من تعب الصعود ( ثم ) هي بمعنى الفاء التي أفادتها عبارة أصله ( يؤذن ) بفتح الذال في حال جلوسه ، قاله مسلم الشارح ، وضبطه الدميري بكسرها ليوافق ما في المحرر من أن المستحب كون المؤذن واحدا لا جماعة كما استحبه وغيره . وعبارة أبو علي الطبري : وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة المؤذنين ، لأنه لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مؤذن واحد ، فإن أذنوا جماعة كرهت ذلك ، ولا يفسد شيء منه الصلاة لأن الأذان ليس من الصلاة وإنما هو دعاء إليها ، وما ضبطه الشافعي الشارح لا ينافي كون المؤذن واحدا كما لا يخفى ، وأما ما جرت به العادة في زمننا من مرق يخرج بين يدي الخطيب يقول إن الله وملائكته الآية ثم يأتي بالحديث فليس له أصل في السنة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، ولم يفعل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم بل كان يمهل يوم الجمعة حتى يجتمع الناس ، فإذا اجتمعوا خرج إليهم وحده من غير جاويش يصيح بين يديه ، فإذا دخل المسجد سلم عليهم ، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم ، ثم يجلس ويأخذ في الأذان ، فإذا فرغ منه قام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة لا بأثر ولا خبر ولا غيره ، وكذلك الخلفاء الثلاثة بعده ، فعلم أن هذا بدعة حسنة ، إذ في قراءة الآية الكريمة تنبيه وترغيب [ ص: 326 ] في الإتيان بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم العظيم المطلوب فيه إكثارها ، وفي قراءة الخبر بعد الأذان وقبل الخطبة تيقظ للمكلف لاجتناب الكلام المحرم أو المكروه في هذا الوقت على اختلاف العلماء فيه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا الخبر على المنبر في خطبته ، والخبر المذكور صحيح . بلال