أجيب عنه بأن خبر أبي أمامة أصح منه ، وقوله فيه : إنما جهرت ( لتعلموا أنها سنة ) قال في المجموع يعني لتعلموا أن القراءة مأمور بها ( وقيل يجهر ليلا ) أي بالفاتحة خاصة ; لأنها صلاة ليل أما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم والدعاء فيندب الإسرار بهما اتفاقا ، واتفقوا على : أي الإمام أو المبلغ لا غيرهما نظير ما مر في الصلاة كما هو ظاهر ، فتقييد جهره بالتكبير والسلام المصنف بالقراءة : أي الفاتحة لأجل الخلاف ( والأصح ندب التعوذ ) لكونه سنة للقراءة فاستحب كالتأمين ولقصره ، ويسر به قياسا على سائر الصلوات ( دون الافتتاح ) والسورة لطولهما .
والثاني نعم كالتأمين ، وشمل ذلك ما لو صلى على قبر أو غائب ، وهو كذلك كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه لبنائها على التخفيف خلافا لابن العماد ( ويقول ) استحبابا ( في الثالثة : اللهم هذا عبدك وابن عبدك إلى آخره ) المذكور في المحرر وغيره وتركه لشهرته وتتمته : خرج من روح الدنيا وسعتها بفتح أولهما أي نسيم [ ص: 476 ] ريحها واتساعها ومحبوبه وأحبائه فيها : أي ما يحبه ومن يحبه إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به .
اللهم إنه نزل بك : أي هو ضيفك ، وأنت أكرم الأكرمين وضيف الكرام لا يضام ، وأنت خير منزول به ، وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه ، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له .
اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، ولقه : أي أعطه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر وعذابه وأفسح له في قبره ، وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين .
جمع ذلك رضي الله عنه من الأخبار واستحسنه الأصحاب وفي بعض نسخ الروضة ومحبوبها ، وكذا في المجموع . الشافعي
والمشهور في محبوبه وأحبائه الجر ويجوز رفعه بجعل الواو للحال ، وروى عن مسلم قال { عوف بن مالك } قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فسمعته يقول : اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه ، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه ، وقه من [ ص: 477 ] فتنة القبر وعذاب النار عوف : فتمنيت أن أكون أنا الميت هذا إن كان الميت بالغا ذكرا ، فإن كان بالأنثى عبر بالأمة وأنث ما يعود إليها وإن ذكر بقصد الشخص لم يضر وإن كان خنثى .
قال الإسنوي : المتجه التعبير بالمملوك ونحوه .
قال : فإن لم يكن للميت أب بأن كان ولد زنا فالقياس أنه يقول فيه وابن أمتك ا هـ .
والقياس أنه لو لم يعرف للميت ذكورة ولا أنوثة يعبر بالمملوك ونحوه ، وأنه لو صلى على جمع معا يأتي فيه بما يناسبه ، فلو قال في ذلك اللهم هذا عبدك ؟ بتوحيد المضاف واسم الإشارة صحت صلاته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، إذ لا اختلال في صيغة الدعاء .
أما اسم الإشارة فلقول أئمة النحاة إنه قد يشار بما للواحد للجمع كقول لبيد :
ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد
ولما مر عن الفقهاء من جواز التذكير في الأنثى وعكسه على إرادة الشخص .وأما لفظ العبد فلأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم أفراد من أشير إليه ، وأما الصغير فسيأتي ما يقال فيه ( ويقدم عليه ) استحبابا : أي على الدعاء المار ( . اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ) : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا
رواه أبو داود والترمذي وغيرهما ، وزاد غير الترمذي : لا تحرمنا أجره ولا [ ص: 478 ] تفتنا بعده .
وقدم هذا لثبوت لفظه في مسلم وتضمنه الدعاء للميت ، بخلاف ذاك فإن بعضه مؤدى بالمعنى وبعضه باللفظ ، وتبع المصنف في الجمع بين الدعاءين المحرر والشرح الصغير ولم يتعرض له في الروضة والمجموع ، ولو جمع بين الثلاثة فظاهر أن الأفضل تقديم الأخير ، وصدق قوله فيه وأبدله زوجا خيرا من زوجه فيمن لا زوجة له ، وفي المرأة إذا قلنا بأنها مع زوجها في الآخرة وهو الأصح بأن يراد في الأول ما يعم الفعلي والتقديري وفي الثاني ما يعم إبدال الذات وإبدال الهيئة والمراد بهما من لم يبلغ ( مع هذا ) الدعاء ( الثاني ) في كلامه ( اللهم اجعله ) أي الميت بقسميه ( فرطا لأبويه ) أي سابقا مهيئا مصالحهما في الآخرة ( وسلفا وذخرا ) بالذال المعجمة شبه تقدمه لهما بشيء نفيس يكون أمامهما مدخرا إلى وقت حاجتهما له بشفاعته لهما كما صح ( وعظة ) اسم مصدر بمعنى الوعظ أو اسم فاعل : أي واعظا ، والمراد به وما بعده غايته [ ص: 479 ] وهو الظفر بالمطلوب من الخير وثوابه ، فسقط التنظير في ذلك بأن الوعظ التذكير بالعواقب وهذا قد انقطع بالموت ( واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ) ; لأنه مناسب للحال ، وزاد في المجموع والروضة كأصلها على هذا ، ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره ، ويأتي فيه ما مر من التذكير وضده ويشهد للدعاء لهما ما في خبر ( ويقول ) استحبابا ( في ) الميت ( الطفل ) أو الطفلة المغيرة { } فيكفي في الطفل هذا الدعاء ولا يعارضه قولهم لا بد من الدعاء للميت بخصوصه كما مر لثبوت هذا بالنص بخصوصه . والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة
نعم لو دعا له بخصوصه كفى فلو شك في بلوغه هل يدعو بهذا الدعاء ; لأن الأصل عدم البلوغ ، أو يدعو له بالمغفرة ونحوها ؟ والأحسن الجمع بينهما احتياطا .
قال الإسنوي : وسواء فيما قاله لو مات في حياة أبويه أم بعدهما أم بينهما ، والظاهر في ولد الزنا أن يقول : لأمه ويقتصر عليها فيما تقدم ولهذا قال الزركشي : محله في الأبوين الحيين المسلمين ، فإن لم يكونا كذلك أتى بما يقتضيه الحال وهذا أولى .
قال الأذرعي : فلو جهل إسلامهما فكالمسلمين بناء على الغالب والدار ا هـ .
والأحوط تعليقه على إيمانهما لا سيما في ناحية يكثر الكفار فيها ، ولو علم كفرهما كتبعية الصغير للسابي حرم أن يدعو لهما بالمغفرة والشفاعة ونحوها ، ولو علم إسلام أحدهما وكفر الآخر أو شك فيه ولو من ولديه لم يخف الحكم [ ص: 480 ] مما مر ، بخلاف من ظن إسلامه ولو بقرينة كالدار فيما يظهر من اضطراب ( و ) يقول استحبابا ( في ) التكبيرة ( الرابعة اللهم لا تحرمنا ) بفتح المثناة الفوقية وضمها ( أجره ) أي أجر الصلاة عليه أو أجر مصيبته فإن المسلمين في المصيبة كالشيء الواحد ( ولا تفتنا بعده ) أي بالابتلاء بالمعاصي ، وزاد في التنبيه تبعا لكثير : واغفر لنا وله ، وحده أن يكون كما بين التكبيرات كما أفاده الحديث الوارد فيه . ويسن له أن يطول الدعاء بعد الرابعة
نعم لو خشي تغير الميت أو انفجاره لو أتى بالسنن فالقياس كما قال الأذرعي اقتصاره على الأركان ( ولو تخلف المقتدي ) عن إمامه بالتكبير ( بلا عذر فلم يكبر حتى كبر إمامه ) تكبيرة ( أخرى ) أو شرع فيها ( بطلت صلاته ) إذ المتابعة لا تظهر في هذه الصلاة إلا بالتكبيرات ، فيكون التخلف بها فاحشا كالتخلف بركعة ، وأفهم قوله حتى كبر إمامه أخرى عدم بطلانها فيما لو لم يكبر الرابعة حتى سلم الإمام .
قال ابن العماد : والحكم صحيح ; لأنه لم يشتغل عنها حتى أتى الإمام بتكبيرة أخرى ، بل هذا مسبوق ببعض التكبيرات فيأتي بها بعد السلام ، وأيده في المهمات بأنه [ ص: 481 ] لا يجب فيها ذكر فليست كالركعة ، بخلاف ما قبلها خلافا لما في التمييز من البطلان ، فإن كان ثم عذر كبطء قراءة أو نسيان أو عدم سماع تكبير أو جهل لم تبطل بتخلفه بتكبيرة فقط بل بتكبيرتين كما اقتضاه كلامهم ، ولو تقدم على إمامه بتكبيرة عمدا بطلت صلاته بطريق الأولى ، إذ التقدم أفحش من التخلف خلافا لبعض المتأخرين .