( ويجب ) [ ص: 486 ] عند وجود مسوغه ، فلو دفن من غير صلاة أتم الدافنون والراضون بدفنه قبلها لوجوب تقديمها عليه إن لم يكن ثم عذر ، ويصلى على قبره ; لأنه لا ينبش للصلاة عليه كما يؤخذ من قوله ( وتصح بعده ) أي بعد الدفن للاتباع في خبر الصحيحين بشرط أن لا يتقدم على القبر كما سيأتي في المسائل المنثورة ، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح ( والأصح تخصيص الصحة ) أي صحة الصلاة على الغائب والقبر ( بمن كان من أهل ) أداء ( فرضها وقت الموت ) دون غيره ; لأن غيره متنفل وهذه لا يتنفل بها . ( تقديمها ) أي الصلاة ( على الدفن ) وتأخيرها عن الغسل أو التيمم
قال الزركشي : معناه لا تفعل مرة بعد أخرى : وقال في المجموع : معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة ، بخلاف صلاة الظهر يؤتى بصورتها ابتداء بلا سبب ، ثم قال : لكن ما قالوه ينتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها نافلة لهن مع صحتها ، ولو أعيدت وقعت نافلة خلافا للقاضي ، ولعله مستثنى من قولهم : إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد على أنه يمكن الجواب عن ذلك بأن محل كلامهم إذا كان عدم الطلب لها لذاتها ، وهنا ليس كذلك بل لأمر خارج وهو امتياز هذه الصلاة عن غيرها وهو أنه لا يتنفل بها .
أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا .
قد اعترض ابن العماد كلام المجموع في قوله بخلاف الظهر بأنه خطأ صريح ، فإن الظهر لا يجوز للإنسان ابتداء فعله من غير سبب ; لأنه تعاطى عبادة لم يؤمر بها وهو حرام .
والأسباب التي تؤدى بها الظهر ثلاثة : الأداء والقضاء والإعادة ، ورده الوالد رحمه الله تعالى بأن ما قاله هو الخطأ الصريح لخطئه في فهم كلام المصنف ، وإنما يرد ما قاله لو قال في المجموع يؤدى بها ، وقضية اعتبار كونه من أهل الفرض يوم الموت منع الكافر والحائض يومئذ ، وهو كذلك كما صرح به المتولي وهو ظاهر كلام الأصحاب ، واعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل لم يعتبر ذلك ، والصواب خلافه ; لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته الصلاة اتفاقا ، وكذا لو كان ثم غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون ، بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة عليه وأدرك زمنا تمكن فيه الصلاة كان كذلك ، وحينئذ فينبغي الضبط بمن كان من أهل فرضها وقت الدفن لئلا يرد ما قيل ، وعلم من ذلك جواز أبدا بشرط الذي ذكرناه ، ولا يتقيد بثلاثة أيام ولا بمدة بقائه قبل بلائه ولا [ ص: 487 ] بتفسخه ، ومقابل الأصح اختصاص ذلك بمن كان من أهل الصلاة وقت الموت ، فمن كان وقته غير مميز صحت صلاته قطعا ، ومن كان وقته مميزا لا تصح صلاته على الأول وتصح على الثاني . الصلاة على القبر