الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 244 ] nindex.php?page=treesubj&link=27024ويحفر قبرا لنفسه ، وقيل يكره ; والذي ينبغي أن لا يكره تهيئة نحو الكفن بخلاف القبر . [ ص: 245 ] يكره المشي في طريق ظن أنه محدث حتى إذا لم يصل إلى قبره إلا بوطء قبر تركه .
( قوله : ويحفر قبرا لنفسه ) في بعض النسخ : وبحفر قبر لنفسه ، على أن لفظة حفر مصدر مجرور بالباء مضاف إلى قبر : أي ولا بأس به . وفي التتارخانية : لا بأس به ، ويؤجر عليه ، هكذا عمل nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خيثم وغيرهما . ا هـ . ( قوله والذي ينبغي إلخ ) كذا قوله في شرح المنية ، وقال لأن الحاجة إليه متحققة غالبا ، بخلاف القبر { nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34وما تدري نفس بأي [ ص: 245 ] أرض تموت } ( قوله يكره المشي إلخ ) قال في الفتح : ويكره nindex.php?page=treesubj&link=27018الجلوس على القبر ، ووطؤه ، وحينئذ فما يصنعه من دفنت حول أقاربه خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه . ويكره nindex.php?page=treesubj&link=24461النوم عند القبر ، وقضاء الحاجة بل أولى ، وكل ما لم يعهد من السنة ، والمعهود منها ليس إلا زيارتها والدعاء عندها قائما ا هـ .
قلت : وفي الأحكام عن الخلاصة وغيرها : لو وجد طريقا إن وقع في قلبه أنه محدث لا يمشي عليه وإلا فلا بأس به . وفي خزانة الفتاوى وعن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : لا يوطأ القبر إلا لضرورة ، ويزار من بعيد ولا يقعد ، وإن فعل يكره . وقال بعضهم : لا بأس بأن يطأ القبور وهو يقرأ أو يسبح أو يدعو لهم . ا هـ . وقال في الحلية : وتكره nindex.php?page=treesubj&link=2180الصلاة عليه وإليه لورود النهي عن ذلك ، ثم ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=14695الإمام الطحاوي أنه حمل ما ورد من النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=2326الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة ، وأنه لا يكره الجلوس لغيره جمعا بين الآثار ، وأنه قال إن ذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، ثم نازعه بما صرح به في النوادر والتحفة والبدائع والمحيط وغيره ، من أن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة كره وطء القبر والقعود أو النوم أو قضاء الحاجة عليه ، وبأنه ثبت النهي عن وطئه والمشي عليه ، وتمامه فيها . وقيد في نور الإيضاح كراهة nindex.php?page=treesubj&link=2325_2324_2322القعود على القبر بما إذا كان لغير قراءة .
قلت : وتقدم أنه إذا بلي الميت ، وصار ترابا يجوز زرعه ، والبناء عليه ، ومقتضاه جواز المشي فوقه . ثم رأيتالعيني في شرحه على صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكر كلام nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي المار ، ثم قال : فعلى هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن nindex.php?page=treesubj&link=1347وطء القبور حرام وكذا النوم عليها ليس كما ينبغي ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة انتهى .
قلت : لكن قد علمت أن الواقع في كلامهم التعبير بالكراهة لا بلفظ الحرمة ، وحينئذ فقد يوفق بأن ما عزاه nindex.php?page=showalam&ids=14695الإمام الطحاوي إلى أئمتنا الثلاثة من حمل النهي على nindex.php?page=treesubj&link=2326الجلوس لقضاء الحاجة يراد به نهي التحريم ، وما ذكره غيره من كراهة الوطء والقعود إلخ يراد به كراهة التنزيه في غير قضاء الحاجة . وغاية ما فيه إطلاق الكراهة على ما يشمل المعنيين ، وهذا كثير في كلامهم ، ومنه قولهم مكروهات الصلاة ، وتنتفي الكراهة مطلقا إذا كان الجلوس للقراءة كما يأتي ، والله سبحانه أعلم .
مطلب في nindex.php?page=treesubj&link=2326وضع الجريد ونحو الآس على القبور
[ تتمة ] يكره أيضا nindex.php?page=treesubj&link=2327قطع النبات الرطب والحشيش من المقبرة دون اليابس كما في البحر والدرر وشرح المنية وعلله في الإمداد بأنه ما دام رطبا يسبح الله - تعالى - فيؤنس الميت وتنزل بذكره الرحمة ا هـ ونحوه في الخانية .
أقول : ودليله ما ورد في الحديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=108096من وضعه عليه الصلاة والسلام الجريدة الخضراء بعد شقها نصفين على القبرين اللذين يعذبان } . وتعليله بالتخفيف عنهما ما لم ييبسا : أي يخفف عنهما ببركة تسبيحهما ; إذ هو أكمل من تسبيح اليابس لما في الأخضر من نوع حياة ; وعليه فكراهة قطع ذلك ، وإن نبت بنفسه ولم يملك لأن فيه تفويت حق الميت . ويؤخذ من ذلك ومن الحديث ندب وضع ذلك للاتباع ويقاس عليه ما اعتيد في زماننا من وضع أغصان الآس ونحوه ، وصرح بذلك أيضا جماعة من الشافعية ، وهذا أولى مما قال بعض المالكية من أن التخفيف عن القبرين إنما حصل ببركة يده الشريفة صلى الله عليه وسلم أو دعائه لهما فلا يقاس عليه غيره . وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه أن nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أوصى بأن يجعل في قبره جريدتان ، والله تعالى أعلم