قلت لابن القاسم : ما قول مالك فيمن قرن الحج والعمرة فأصاب صيدا وهو محرم قارن ؟
قال : قال مالك : عليه جزاء واحد ، قلت له : ما قول مالك فيما أصاب المحرم من الصيد كيف يحكم عليه ؟
قال : سألنا مالكا عن الرجل يصيب الصيد وهو محرم فيريد أن يحكم عليه بالطعام أيقوم الصيد دراهم أم طعاما ؟
قال : الصواب من ذلك أن يقوم طعاما ولا يقوم دراهم ، ولو قوم الصيد دراهم ثم اشترى بها طعاما لرجوت أن يكون واسعا ، ولكن الصواب من ذلك أن يحكم عليه بالطعام ، فإن أراد أن يصوم نظر كم ذلك الطعام من الإمداد فيصوم مكان كل مد يوما ، وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة . قلت له : فإن كان في الطعام كسر المد ؟
قال : ما سمعت من مالك في كسر المد شيئا ولكن أحب إلي أن يصوم له يوما . وقال ابن القاسم : ولم يقل لنا مالك إنه نظر إلى جزاء الصيد من النعم فيقوم هذا الجزاء من النعم طعاما ، ولكنه قال ما أعلمتك . قلت : وكيف يقوم هذا الصيد طعاما في قول مالك ، أحي أم مذبوح أم ميت ؟
قال : بل يقوم حيا عند مالك على حاله التي كان عليها حين أصابه ، قال : قال مالك : ولا ينظر إلى فراهيته ولا إلى جماله ، ولكن إلى ما يساوي من الطعام بغير فراهية ولا جمال ، وشبه ذلك بفراهية البازي لا ينظر إلى قيمة ما يباع به أو لو صيد لفراهيته .
قال ابن القاسم .
وقال مالك : إن الفارة من الصيد والبزاة وغير الفارة إذا أصابه الحرام في الحكم سواء ، قلت : فكيف يحكم عليه إن أراد أن يحكم عليه بالنظير من النعم ؟
قال : لقلنا لمالك أيحكم بالنظير في الجزاء من النعم بما قد مضى وجاءت به الآثار ، أم يستأنف الحكم فيه ؟
قال : بل يستأنف الحكم فيه ، قلت لابن القاسم : فإنما فيه الاجتهاد عند مالك إذا حكم عليه في الجزاء ، قال : نعم ، قال مالك : ولا أرى أن يخرج مما جاء فيه الاجتهاد عن آثار من مضى .
قال : وقال مالك : لا يحكم في جزاء الصيد من الغنم والإبل والبقر إلا بما يجوز في الضحايا والهدايا من الثني فصاعدا ، إلا من الضأن فإنه يجوز الجذع وما أصابه المحرم مما لم يبلغ أن يكون مما يجوز في الضحايا والهدي من الإبل والبقر والغنم فعليه فيه الطعام والصيام .
قال مالك : ولا يحكم بالجفرة ولا بالعناق ولا يحكم بدون المسن .


