الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4954 وعن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن ابن عمر قال : مره فليراجعها . قلت : تحتسب ؟ قال : أرأيت إن عجز واستحمق !

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هو معطوف على قوله " عن أنس بن سيرين " ، فهو موصول .

                                                                                                                                                                                  ويونس بن جبير - بضم الجيم وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره راء - أبو غلاب - بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام وبالباء الموحدة - الباهلي البصري ، مات قبل أنس وأوصى أن يصلي عليه أنس .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قلت : تحتسب ؟ ) ، القائل يونس بن جبير ، وهي على صيغة المجهول .

                                                                                                                                                                                  قوله ( أرأيت ) ، هكذا في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره " أرأيته " ، وقال الخطابي : يريد " أرأيت إن عجز واستحمق " ; أي أيسقط عجزه وحمقه حكم الطلاق الذي أوقعه في الحيض ؟ وهذا من المحذوف الجواب الذي يدل عليه الفحوى . وقال النووي : أفيرتفع عنه الطلاق وإن عجز واستحمق ؟ وهو استفهام إنكاري ، وتقديره : نعم تحتسب ، ولا يمنع احتسابها لعجزه وحماقته . والقائل لهذا الكلام هو ابن عمر رضي الله تعالى عنهما صاحب القصة ويريد به نفسه وإن أعاد الضمير بلفظ الغيبة ، وقد جاء في رواية مسلم أن ابن عمر قال : مالي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت ! وقال القاضي : أي إن عجز عن الرجعة وفعل فعل الأحمق . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون كلمة " إن " نافية ; أي ما عجز ابن عمر وما استحمق ، يعني ليس طفلا ولا مجنونا حتى لا يقع طلاقه ! والعجز لازم الطفل والحمق لازم الجنون ، وهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم ، و " إن " يكون مخففة من الثقيلة ، ولو صحت الرواية بالفتح فالمعنى أظهر . وقال ابن الخشاب : التاء في " استحمق " مفتوحة ، والمعنى : فعل فعلا يصير به أحمق عاجزا ، فيسقط عنه عجزه وحمقه حكم الطلاق . وهذه المادة - أعني مادة الاستفعال - إشارة إلى أنه تكلف الحمق بما فعله من تطليق امرأته وهي حائض ، قيل : قد وقع في بعض الأصول بضم التاء ; أعني على صيغة المجهول ، أي أن الناس استحمقوه بما فعل . وقال المهلب : معنى قوله " إن عجز واستحمق " يعني في المراجعة التي أمر بها عن إيقاع الطلاق ، أو فقد عقله فلم يكن منه الرجعة - أتبقى المرأة معلقة لا ذات بعل ولا مطلقة وقد نهى الله عز وجل عن ذلك ؟ فلا بد أن يحتسب بتلك التطليقة التي أوقعها على غير وجهها ، كما أنه لو عجز عن فرض آخر لله تعالى فلم يقمه واستحمق فلم يأت به ما كان يعذر بذلك وسقط عنه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية