الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5201 53 - حدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخص في لحوم الخيل.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو الباقر أبو جعفر.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في المغازي في غزوة خيبر، وأخرجه مسلم أيضا في الذبائح عن يحيى بن يحيى وغيره، وأخرجه أبو داود في الأطعمة عن سليمان بن حرب به وعن غيره، وأخرجه النسائي في الصيد وفي الوليمة عن قتيبة وأحمد بن عبدة، واحتج بهذا الحديث عطاء، وابن سيرين، والحسن، والأسود بن يزيد، وسعيد بن جبير، والليث، وابن المبارك، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وأبو ثور على جواز أكل لحم الخيل، وقال أبو حنيفة والأوزاعي ومالك وأبو عبيد: يكره أكله، ثم قيل الكراهة عند أبي حنيفة كراهة تحريم، وقيل كراهة تنزيه، وقال فخر الإسلام وأبو معين: هذا هو الصحيح، وأخذ أبو حنيفة في ذلك بقوله تعالى: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة خرج مخرج الامتنان، والأكل من أعلى منافعها، والحكيم لا يترك الامتنان بأعلى النعم ويمتن بأدناها، ولأنه آلة إرهاب العدو فيترك أكله؛ احتراما له، واحتج أيضا بحديث أخرجه أبو داود عن خالد بن الوليد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، وأخرجه النسائي وابن ماجه والطحاوي، ولما رواه أبو داود سكت عنه فسكوته دلالة رضاه به غير أنه قال: وهذا منسوخ، وقال النسائي: ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا ويعارض حديث جابر، والترجيح للمحرم، وقد بسطنا الكلام فيه في غزوة خيبر، وأما لحم الحمر الأهلية فقال ابن عبد البر: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمه، وإنما حكي عن ابن عباس وعائشة إباحته بظاهر قوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية.

                                                                                                                                                                                  قلت: ذكر في التفريع للمالكية: ولا بأس بأكل لحم الحمر الأهلية ولا البغل ويكره أكل لحوم الخيل، وسيجيء الكلام فيه عن قريب، والله سبحانه وتعالى أعلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية