الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5288 35 حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب ماله إليه بيرحاء، وكانت مستقبل المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قام أبو طلحة، فقال: يا رسول الله إن الله يقول: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب مالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ، ذلك مال رابح - أو رايح، شك عبد الله - وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وفي بني عمه. وقال إسماعيل ويحيى بن يحيى: رايح.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها، ويشرب من ماء فيها طيب) وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعذب ماءها، وذكر الواقدي من حديث سلمى امرأة أبي رافع: كان أبو أيوب رضي الله تعالى عنه حين نزل عنده النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر والدانس، ثم كان أنس وهند وحارثة أبناء أسماء يحملون الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا، وكان رباح الأسود عنده يستقي له من بئر عروس مرة، ومن بيوت سقيا مرة، وقال ابن بطال: استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل في الترفه المذموم بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه، فقد كرهه مالك لما فيه من السرف، وأما شرب الماء الحلو وطلبه فمباح، قد فعله الصالحون، وليس في شرب الماء الملح فضيلة.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الزكاة في باب الزكاة على الأقارب، فإنه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.. إلى آخره، ومضى الكلام فيه أيضا في الوصايا عن عبد الله بن يوسف، وفي الوكالة عن يحيى بن يحيى، وفي التفسير عن إسماعيل، وفي تفسير بيرحاء وجوه تقدمت في الزكاة، وهو اسم بستان.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بخ) بفتح الموحدة وبالخاء المعجمة، كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرر للمبالغة، فإن وصلت خففت ونونت، وربما شددت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (رابح أو رايح، شك عبد الله بن مسلمة فيه) فالأول بالباء الموحدة من الربح، والثاني بالياء آخر الحروف من الرواح.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وقال إسماعيل) هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس، ويحيى بن يحيى بن بكير أبو زكريا التميمي الحنظلي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (رايح) يعني بالياء من الرواح.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية