الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5317 1 - حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة لأن الترجمة فيما جاء في كفارة المرض، وحديث عائشة مما جاء في ذلك.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم من طريق مالك بن أنس ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه حتى الشوكة يشاكها. وأخرج الترمذي من حديث الأسود، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ما من مصيبة" أصل المصيبة الرمية بالسهم، ثم استعملت في كل نازلة. وقال الراغب: أصاب يستعمل في الخير والشر. قال الله عز وجل: إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة الآية.

                                                                                                                                                                                  قال: وقيل: الإصابة في الخير مأخوذة من الصوب وهو المطر الذي ينزل بقدر الحاجة من غير ضرر، وفي الشر مأخوذة من إصابة السهم. وقال الكرماني: المصيبة في اللغة ما ينزل بالإنسان مطلقا، وفي العرف ما نزل به من مكروه خاصة وهو المراد هنا.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حتى الشوكة يشاكها" قال الطيبي: الشوكة مبتدأ ويشاكها خبره. ورواية الجر ظاهرة، والضمير في يشاكها مفعوله الثاني، والمفعول الأول مضمر، أي: يشاك المسلم تلك الشوكة قيل: ويجوز النصب بتقدير عامل أي: حتى وجد الشوكة يشاكها.

                                                                                                                                                                                  قوله: "يشاكها" بالضم. قال الكسائي: شكت الرجل الشوكة أي: أدخلت في جسده شوكة، وشيك هو ما لم يسم فاعله يشاك شوكا. وقال الأصمعي: شاكتني الشوكة إذا دخلت في جسدي ويقال: أشكت فلانا أي: آذيته بالشوكة، وقال الكرماني: وهو متعد إلى مفعول واحد فما هذا الضمير؟

                                                                                                                                                                                  قلت: هو من باب وصل الفعل أي: يشاك بها، فحذف الجار، وأوصل الفعل. وقال ابن التين: حقيقة قوله: "يشاكها" أي: يدخلها غيره.

                                                                                                                                                                                  قلت: يرده ما رواه مسلم من رواية هشام بن عروة "لا يصيب المؤمن شوكة" بإضافة الفعل إليها وهو الحقيقة، ولكن لا يمنع إرادة المعنى الأعم وهو أن تدخل هي بغير فعل أحد، أو تدخل بفعل أحد.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: على هذا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.

                                                                                                                                                                                  قلت: هذا لا يمنع عند من يجوز الجمع بين إرادة الحقيقة والمجاز، وأما عند من يمنع ذلك فيكون من باب عموم المجاز.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية