الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5348 33 - حدثني آدم، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به، ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له فقال: إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "ولولا أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به".

                                                                                                                                                                                  وآدم هو ابن أبي إياس، وإسماعيل بن أبي خالد البجلي، واسم أبي خالد سعد، وقيل: هرمز، وقيل: كثير. وقيس بن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي، وخباب بفتح الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحدة الأولى ابن الأرت بفتح الهمزة والراء وتشديد التاء المثناة من فوق.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الدعوات وفي الرقاق، وأخرجه مسلم في الدعوات عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، وأخرجه النسائي في الجنائز عن محمد بن بشار.

                                                                                                                                                                                  قوله: "نعوده" جملة حالية، وكذا قوله: "وقد اكتوى" أي: في بطنه، والنهي الذي جاء عن الكي هو لمن يعتقد أن الشفاء من الكي، أما من اعتقد أن الله عز وجل هو الشافي فلا بأس به، أو ذلك للقادر على مداواة أخرى، وقد استعجل ولم يجعله آخر الدواء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "إن أصحابنا الذين سلفوا" كأنه عنى بهؤلاء الذين ماتوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "مضوا ولم تنقصهم الدنيا" لأنهم كانوا في قلة وضيق عيش، وأما الذين من بعدهم فقد اتسعت لهم الدنيا بسبب الفتوحات، وما زاد من الدنيا فقد نقص من الآخرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وإنا أصبنا" قول خباب يعني: إنا أصبنا من الدنيا ما لا نجد له موضعا يعني: مصرفا نصرفه فيه "إلا التراب" يعني البنيان، فعلم من هذا أن صرف المال في البنيان مذموم، لكن المذمة فيمن بنى ما يفضل عنه ولا يضطر إليه، فذلك الذي لا يؤجر فيه; لأنه من التكاثر المنهي عنه لا من بنى ما يكنه ولا غنى به عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لدعوت به" أي: بالموت وذلك لشدة ما به من ألم المرض.

                                                                                                                                                                                  قوله: "ثم أتيناه مرة أخرى" هو كلام قيس بن أبي حازم، أي: ثم أتينا خبابا مرة ثانية، والحال أنه يبني حائطا له.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال: إن المسلم يؤجر" إلى آخره موقوف على خباب. وقد أخرجه الطبراني مرفوعا من طريق عمر بن إسماعيل بن مجالد، حدثنا أبي عن بيان بن بشر، وإسماعيل بن أبي خالد جميعا عن قيس بن أبي حازم قال: دخلت على خباب نعوده فذكر الحديث، وفيه وهو يعالج حائطا له فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلم يؤجر في نفقته كلها إلا ما يجعله في التراب" وعمر المذكور كذبه يحيى بن معين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية