الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1860 69 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه ، nindex.php?page=hadith&LINKID=651825عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : nindex.php?page=treesubj&link=2486_31005لا تواصلوا ، قالوا : إنك تواصل ، قال : لست كأحد منكم ، إني أطعم وأسقى ، أو : إني أبيت أطعم وأسقى.
مطابقته للترجمة ظاهرة ، فإنه يوضح جواب الترجمة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى ابن سعيد القطان .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية سليمان ، عن ثابت ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=693387كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان .. الحديث بطوله . وفيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=693387فأخذ يواصل [ ص: 72 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك في آخر الشهر ، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=treesubj&link=2486ما بال رجال يواصلون إنكم لستم مثلي أما والله لو تماد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم . وفي لفظ له : nindex.php?page=hadith&LINKID=911462إني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني . وفي لفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=651827إني لست كهيئتكم .
قوله ( إني لست كأحد منكم ) وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15086الكشميهني : كأحدكم ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=651826إني لست مثلكم ، وفي حديث أبي زرعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=658855لستم في ذلك مثلي ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة سيأتي : وأيكم مثلي ، أي : على صفتي أو منزلتي من ربي .
قوله ( أو إني أبيت ) الشك من شعبة ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15578بهز عنه : إني أظل ، أو قال : إني أبيت ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=663079إن ربي يطعمني ويسقيني ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
قوله ( لا تواصلوا ) نهي ، وأدناه يقتضي الكراهة .
ولكن اختلفوا هل هي رواية تنزيه أو تحريم على وجهين حكاهما صاحب ( المهذب ) وغيره ، أصحهما عندهم أن الكراهة للتحريم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : وهو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وحكى صاحب ( المفهم ) ، عن قوم : أنه يحرم ، قال : وهو مذهب أهل الظاهر ، قال : وذهب الجمهور ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وجماعة من أهل الفقه إلى كراهته ، وذهب آخرون إلى جواز الوصال لمن قوي عليه ، وممن كان يواصل nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ، وابن عامر ، وابن وضاح من المالكية كان يواصل أربعة أيام ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل أنهم أجازوا الوصال ، والجمهور ذهبوا إلى أن nindex.php?page=treesubj&link=2486الوصال من خواص النبي صلى الله عليه وسلم لقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=687873إني لست كأحد منكم ، وهذا دال على التخصيص ، وأما غيره من الأمة فحرام عليه ، وفي ( سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود ) من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=842089كان يصلي بعد العصر ، وينهى عنها ، ويواصل وينهى عن الوصال . وممن قال به من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة رضي الله تعالى عنهم ، واحتج من أباح الوصال بقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=658858نهاهم عن الوصال رحمة لهم ، فقالوا : إنما نهاهم رفقا لا إلزاما لهم ، واحتجوا أيضا بكون النبي صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه يومين حين أبوا أن ينتهوا . قال صاحب ( المفهم ) : وهو يدل على أن الوصال ليس بحرام ولا مكروه من حيث هو وصال ، لكن من حيث يذهب بالقوة ، وأجاب المحرمون عن الحديثين بأن قالوا : لا يمنع قوله ( رحمة لهم ) أن يكون منهيا عنه للتحريم ، وسبب تحريمه الشفقة عليهم لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم ، قالوا : وأما وصاله بهم فلتأكيد الزجر ، وبيان الحكمة في نهيهم ، والمفسدة المترتبة على الوصال ، وهي الملل من العبادة وخوف التقصير في غيره من العبادات ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وتمكينهم منه تنكيل لهم ، وما كان على طريق العقوبة لا يكون من الشريعة .
فإن قلت : كيف يحسن قولهم له بعد النهي عن الوصال : فإنك تواصل ، وهم أكثر الناس آدابا .
قلت : لم يكن ذلك على سبيل الاعتراض ، ولكن على سبيل استخراج الحكم أو الحكمة أو بيان التخصيص .
قوله ( إني أطعم وأسقى ) اختلف في تأويله ، فقيل : إنه على ظاهره ، وأنه يؤتى على الحقيقة بطعام وشراب يتناولهما ، فيكون ذلك تخصيص كرامة لا شركة فيها لأحد من أصحابه ، ورد صاحب ( المفهم ) هذا وقال : لأنه لو كان كذلك لما صدق عليه قولهم إنك تواصل ، ولا ارتفع اسم الوصال عنه ؛ لأنه حينئذ يكون مفطرا ، وكان يخرج كلامه عن أن يكون جوابا لما سئل عنه ، ولأن في بعض ألفاظه : إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني ، وظل إنما يقال فيمن فعل الشيء نهارا ، وبات فيمن يفعله ليلا ، وحينئذ كان يلزم عليه فساد صومه ، وذلك باطل بالإجماع ، وقيل : إن الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب ، واعترض صاحب ( المفهم ) على هذا أيضا ، وقال : وهذا القول أيضا يبعده النظر إلى حاله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فإنه كان يجوع أكثر مما يشبع ، ويربط على بطنه الحجارة من الجوع ، وبعده أيضا النظر إلى المعنى ، وذلك لأنه لو خلق فيه الشبع والري لما وجد لعبادة الصوم روحها الذي هو الجوع والمشقة ، وحينئذ كان يكون ترك الوصال أولى ، وقيل : إن الله تعالى يحفظ عليه قوته من غير طعام وشراب كما يحفظها بالطعام والشراب ، فعبر بالطعام والسقيا عن فائدتهما ، وهي القوة ، وعليه اقتصر nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي ، عن المسعودي قال : أصح ما قيل في معناه أني أعطى قوة الطاعم والشارب .