الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2031 وقال ابن عمر رضي الله عنهما: ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي قال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. كلمة "ما" شرطية؛ فلذلك دخلت الفاء في جوابها، وهو قوله: "فهو من المبتاع" وإسناد الإدراك إلى الصفقة مجاز، أي ما كان عند العقد غير ميت.

                                                                                                                                                                                  قوله: "مجموعا" صفة لقوله: "حيا" وأراد به لم يتغير عن حالته.

                                                                                                                                                                                  قوله: "من المبتاع" أي من المشتري، وهذا تعليق وصله الطحاوي والدارقطني من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن حمزة [ ص: 256 ] ابن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: "ما أدركت الصفقة حيا فهو من مال المبتاع" وليس فيه لفظ "مجموعا" وهذا رواه الطحاوي جوابا عما قالوا: إن ابن عمر روي عنه حديث "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" وأنه كان يرى التفرق بالأبدان، والدليل عليه أنه كان إذا بايع رجلا شيئا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنيهة، قالوا: فهذا يدل على أنه كان يرى التفرق بالأبدان، وأجاب عنه الطحاوي، فقال: وقد روي عنه ما يدل على أن رأيه كان في الفرقة بالأقوال، وأن المبيع ينتقل بتلك الأقوال من ملك البائع إلى ملك المشتري، حتى يهلك من مالك إن هلك. وروى حديث حمزة بن عبد الله هذا، واعترض عليه بعضهم بقوله: وما قاله ليس بلازم، وكيف يحتج بأمر محتمل في معارضة أمر مصرح به؟ فابن عمر قد تقدم عنه التصريح بأنه كان يرى الفرقة بالأبدان، والمنقول عنه هنا يحتمل أن يكون قبل التفرق بالأبدان، ويحتمل أن يكون بعده، فحمله على ما بعده أولى; جمعا بين حديثيه. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هذا ما هو بأول من تصرف بهذا الاعتراض; فإن ابن حزم سبقه بهذا، ولكن الجواب عن هذا بما يقطع شغبهما هو أن قوله هذا يعارض فعله ذاك صريحا، والاحتمال الذي ذكره هذا القائل هنا يحتمل أن يكون هناك أيضا، فسقط العمل بالاحتمالات، فبقي الفعل والقول، والأخذ بالقول أولى; لأنه أقوى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية