الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2049 ورخص فيه عطاء.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي ورخص عطاء بن أبي رباح في بيع الحاضر للبادي، ووصله عبد الرزاق، عن الثوري، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن عطاء بن أبي رباح قال: سألته عن أعرابي أبيع له فرخص لي.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): يعارض هذا ما رواه سعيد بن منصور من طريق ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: إنما نهى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد؛ لأنه أراد أن يصيب المسلمون غرتهم، فأما اليوم فلا بأس، فقال عطاء: لا يصلح اليوم .

                                                                                                                                                                                  (قلت): أجاب بعضهم بأن الجمع بين الروايتين أن يحمل قول عطاء هذا على كراهة التنزيه .

                                                                                                                                                                                  (قلت): الأوجه أن يحمل ترخيصه فيما إذا كان بلا أجر، ومنعه فيما إذا كان بأجر، وقال بعضهم: أخذ بقول مجاهد أبو حنيفة، وتمسكوا بعموم قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: "الدين النصيحة" وزعموا أنه ناسخ لحديث النهي، وحمل الجمهور حديث "الدين النصيحة" على عمومه إلا في بيع الحاضر للبادي فهو خاص فيقضي على العام، وهذا الكلام فيه تناقض، وقضاء الخاص على العام ليس بمطلق على زعمكم أيضا لاحتمال أن يكون الخاص ظنيا والعام قطعيا، أو يكون الخاص منسوخا، وأيضا يحتمل أن يكون الخاص مقارنا أو متأخرا أو متقدما، وقوله: والنسخ لا يثبت في الاحتمال مسلم، ولكن من قال: إن قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: "الدين النصيحة" ناسخ لحديث النهي بالاحتمال؟ بل الأصل عندنا في مثل هذا بالتراجيح منها أن أحد الخبرين عمل به الأمة، فهاهنا كذلك، فإن قوله: "الدين النصيحة" عمل به جميع الأمة، ولم يكن خلاف فيه لأحد، بخلاف حديث النهي فإن الكل لم يعمل به، فهذا الوجه من جملة ما يدل على النسخ، ومنها أن يكون أحد الخبرين أشهر من الآخر وهاهنا كذلك بلا خلاف.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية