الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8292 - من أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا أو مبطلا، فإن لم يفعل لم يرد على الحوض (ك) عن أبي هريرة - (ح)

التالي السابق


(من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن أخاه من النسب (متنصلا) أي منتفيا من ذنبه معتذرا إليه (فليقبل ذلك منه) ندبا مؤكدا سواء كان (محقا) في اعتذاره (أو مبطلا) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد على الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه، لأن تنصله خروج من الذنب واستسلام له، والله سبحانه يقبل التوبة ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه، وهو يحب صفاته ويحب من تخلق بشيء منها كما سبق، فمن عرض عليه التحلي بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه خائبا ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك بإطالة عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس، فيعاقب بتقديم غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى يكون من آخر الواردين

[تنبيه] حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع عبد الله الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر إليه في السر فأنشد الختن


جفاء جرى جهرا لدى الناس فانبسط. . . وعذر أتى سرا فأكد ما فرط

ومن رام أن يمحو جلي اعتدائه.
. . خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط



فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو الذي جرى عليه التقصير، وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث "محقا أو مبطلا" إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال، والحاصل أن الكلام في مقامين: مقام يتعلق بالعافي، وهذا الأكمل فيه قبول العذر وإن علم كذبه، سواء أنكر وقوع الذنب، أو أقر فطلب العفو، ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها به في الملإ، فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به، وهذا بالنسبة إلى الآحاد، أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال

(ك عن أبي هريرة ) ورواه عنه أيضا ابن السني والديلمي .



الخدمات العلمية