الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6821 - وكما قال في تلقيح النخل : ما أظن أن ذلك يغني شيئا ، فتركوه ونزعوا عنه ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما هو ظن ظننته ، إن كان يغني شيئا فليصنعوه ، فإنما أنا بشر مثلكم ، وإنما هو ظن ظننته ، والظن يخطئ ويصيب ، ولكن ما قلت : قال الله عز وجل ، فلن أكذب على الله حدثنا بذلك يزيد بن سنان قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه .

                                                        فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ما قاله من جهة الظن ، فهو كسائر البشر في ظنونهم ، وأن الذي يقوله عن الله عز وجل ، فهو الذي لا يجوز خلافه .

                                                        وكانت الرؤيا إنما تعبر بالظن والتحري ، وقد روي ذلك عن محمد بن سيرين ، واحتج بقول الله عز وجل : وقال للذي ظن أنه ناج منهما .

                                                        فلما كان التعبير من هذه الجهة التي لا حقيقة فيها ، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ، أن يقسم عليه ؛ ليخبره بما يظنه صوابا ، على أنه عنده كذلك ، وقد يكون في الحقيقة بخلافه .

                                                        ألا ترى أن رجلا لو نظر في مسألة من الفقه ، واجتهد ، فأداه اجتهاده إلى شيء وسعه القول به ، ورد ما خالفه ، وتخطئة قائله ، إذا كانت الدلائل التي بها يستخرج الجواب في ذلك ، رافعة له .

                                                        ولو حلف على أن ذلك الجواب صواب ، كان مخطئا ؛ لأنه لم يكلف إصابة الصواب ، فيكون ما قاله ، هو الصواب ، ولكنه كلف الاجتهاد .

                                                        وقد يؤديه الاجتهاد إلى الصواب وإلى غير الصواب ، فمن هذه الجهة ، كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الحلف عليه ؛ ليخبره بصوابه ما هو ، لا من جهة كراهية القسم .

                                                        وقد روي في ذلك ما يدل على ما ذكرناه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية