7401 - حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب قال : أخبرني سعيد وأبو سلمة ، أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله ، غير أنه قال : يا صفية يا فاطمة .
ففي هذا الحديث أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى أن ينذر عشيرته الأقربين ، دعا عشائر قريش ، وفيهم من يلقاه عند أبيه الثاني ، وفيهم من يلقاه عند أبيه الثالث ، وفيهم من يلقاه عند أبيه الرابع ، وفيهم من يلقاه عند أبيه الخامس ، وفيهم من يلقاه عند أبيه السادس ، وفيهم من يلقاه عند آبائه الذين فوق ذلك ، إلا أنه ممن قد جمعته وإياه قريش .
فبطل بذلك قول أهل هذه المقالة ، وثبت إحدى المقالات الأخر .
ونظرنا في قول من قدم من قرب رحمه ، على من هو أبعد رحما منه .
فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذوي القربى ، عم به بني هاشم ، وبني المطلب ، وبعض بني هاشم أقرب إليه من بعض ، وبعض بني المطلب أيضا أقرب إليه من بعض .
[ ص: 389 ] فلما لم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من من ذلك ، من قرب رحمه منه ، على من هو أبعد إليه رحما منه ، وجعلهم كلهم قرابة له ، لا يستحقون ما جعل الله عز وجل لقرابته .
فكذلك من بعدت رحمه في الوصية لقرابة فلان ، لا يستحق بقرب رحمه منه شيئا ، مما جعل لقرابته إلا كما يستحق سائر قرابته ، ممن رحمه منه أبعد من رحمه ، فهذه حجة .
وحجة أخرى ؛ أن أبا طلحة لما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل أرضه في فقراء القرابة ، جعلها لحسان ولأبي .
وإنما يلتقي هو وأبي عند أبيه السابع ، ويلتقي هو وحسان عند أبيه الثالث .
ولأن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام .
وأبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام .
فلم يقدم أبو طلحة في ذلك حسانا ؛ لقرب رحمه منه ، على أبي ؛ لبعد رحمه منه ، ولم يروا أحدا منهما مستحقا لقرابته منه في ذلك منه ، إلا كما يستحق منه الآخر .
فثبت بذلك فساد هذا القول .
ثم رجعنا إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة ، رحمه الله ، فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما قسم سهم ذوي القربى ، أعطى بني هاشم جميعا ، وفيهم من رحمه منه رحم محرمة ، وفيهم منه من رحمه منه غير محرمة .
وأعطى بني المطلب معهم ، وأرحامهم جميعا منه غير محرمة .
وكذلك أبو طلحة أعطى أبيا وحسانا ، ما أعطاهما ، على أنهما قرابة ، ولم يخرجهما من قرابته ارتفاع الحرمة من رحمهما منه .
فبطل بذلك أيضا ، ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله .
ثم رجعنا إلى ما ذهب إليه أبو يوسف ، ومحمد رحمهما الله ، فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعطى سهم ذوي القربى ، بني هاشم ، وبني المطلب ، ولا يجتمع هو ، وواحد منهم إلى أب ، منذ كانت الهجرة .
وإنما يجتمع هو وهم ، عند آباء كانوا في الجاهلية .
وكذلك أبو طلحة وأبي ، وحسان ، لا يجتمعون عند أب إسلامي ، وإنما يجتمعون عند أب كان في الجاهلية ، ولم يمنعهم ذلك أن يكونوا قرابة له ، يستحقون ما جعل للقرابة .
فكذلك قرابة الموصي ؛ لقرابته لا يمنعهم من تلك الوصية إلا أن لا يجمعهم وإياه أب ، منذ كانت الهجرة .
فبطل بذلك قول أبي يوسف ، ومحمد رحمهما الله ، وثبت القول الآخر .
[ ص: 390 ] فثبت أن الوصية بذلك : لكل من توقف على نسبه أبا غير أب وأما غير أم ، حتى يلتقي هو والموصي لقرابته إلى جد واحد ، في الجاهلية ، أو في الإسلام ، بعد أن يكون أولئك للآباء ، يستحق بالقرابة هم المواريث في حال ، ويقوم بالإنسان منهم الشهادات ، على سياقه ما بين الموصي لقرابته وبينهم ، من الآباء ومن الأمهات ، فهذا القول ، هو أصح القولين ، عندنا .


