الثالث : فيما نرويه عن  الحاكم أبي عبد الله الحافظ  رحمه الله، قال : "الذي أختاره في الرواية، وعهدت عليه أكثر مشايخي، وأئمة عصري : أن يقول في الذي يأخذه من المحدث لفظا، وليس معه أحد: " حدثني فلان" وما يأخذه من المحدث لفظا، ومعه غيره: " حدثنا فلان" وما قرأ على المحدث بنفسه: " أخبرني فلان" وما قرئ على المحدث وهو حاضر: " أخبرنا فلان".  
وقد روينا نحو ما ذكره عن  عبد الله بن وهب  صاحب  مالك   - رضي الله عنهما - وهو حسن رائق . 
فإن شك في شيء عنده أنه من قبيل " حدثنا أو أخبرنا" أو من قبيل " حدثني أو أخبرني" لتردده في أنه كان عند التحمل والسماع وحده أو مع غيره، فيحتمل أن نقول : ليقل "حدثني أو أخبرني" لأن عدم غيره هو الأصل . 
ولكن ذكر  علي بن عبد الله المديني الإمام  ، عن شيخه  يحيى بن سعيد القطان الإمام  ، فيما إذا شك أن الشيخ قال : "حدثني فلان" أو قال: " حدثنا فلان" أنه يقول: " حدثنا". 
وهذا يقتضي فيما إذا شك في سماع نفسه في مثل ذلك أن يقول: " حدثنا" وهو عندي يتوجه بأن "حدثني" أكمل مرتبة، و " حدثنا" أنقص مرتبة، فليقتصر إذا شك على الناقص; لأن عدم الزائد هو الأصل، وهذا لطيف . 
ثم وجدت الحافظ  أحمد البيهقي   - رحمه الله - قد اختار بعد حكايته قول القطان  ما قدمته . 
ثم إن هذا التفصيل من أصله مستحب، وليس بواجب، حكاه  الخطيب الحافظ  عن أهل العلم كافة ، فجائز إذا سمع وحده أن يقول: " حدثنا" أو نحوه؛ لجواز ذلك للواحد في كلام العرب ، وجائز إذا سمع في جماعة أن يقول: "حدثني" لأن المحدث حدثه، وحدث غيره. والله أعلم . 
     	
		 [ ص: 627 ]  [ ص: 628 ] 
				
						
						
