70 - قوله: (ص): "وما ذكرناه من هو المذهب الذي استقر عليه آراء جماهير حفاظ أهل الحديث" ... إلى آخره. سقوط الاحتجاج بالمرسل
اعترض عليه مغلطاي بأن ذكر أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المرسل، ولم يأت عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين. أبا جعفر محمد بن جرير الطبري
قال : يشير ابن عبد البر أبو جعفر بذلك إلى - رضي الله تعالى عنه- انتهى. الشافعي
وكذا نقل في مختصره إجماع التابعين على قبول المرسل [ ص: 568 ] لكنه مردود على مدعيه، فقد قال ابن الحاجب - وهو من كبار التابعين - : إن المرسل ليس بحجة. سعيد بن المسيب
نقله عنه ، وكذا تقدم نقله عن الحاكم وعن محمد بن سيرين وكذا كان يعيبه الزهري وأقرانه والآخذون عنه شعبة كيحيى القطان وغير واحد وكل هؤلاء قبل وعبد الرحمن بن مهدي . الشافعي
ونقله عن أكثر أهل الحديث. الترمذي
وكذا ما وقع في إلى أبي داود أهل مكة في وصف السنن قال: "وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل رسالة سفيان الثوري ومالك حتى جاء والأوزاعي فتكلم فيه تابعه على ذلك الشافعي وغيره . أحمد بن حنبل
قلت: فبان أن دعوى الإجماع مطلقا أو إجماع التابعين مردودة. وغايته أن الاختلاف كان من التابعين ومن بعدهم.
وما نقله عن أبو داود ومن معه معارض بما نقلناه عن مالك ومن معه، ولم يزل الخلاف موجودا، لكن المشهور عن أهل الحديث خاصة عدم القول بالمرسل - والله أعلم - . شعبة
تنبيه:
تقدم النقل عن وغيره أن من قال بالمرسل لا يقول به على الإطلاق، بل شرطه أن يكون المرسل ممن يحترز في الرواية، أما من كان يكثر [ ص: 569 ] الرواية عن الضعفاء أو عرف من شأنه أنه يرسل عن الثقات والضعفاء، فلا يقبل مرسله مطلقا. ابن عبد البر
وممن حكاه - أيضا - من أبو بكر الرازي الحنفية .
وهذا وارد على إطلاق المصنف النقل عن المالكية والحنفية أنهم يقبلون المرسل مطلقا، وكذا نقل عن الحاكم أن المرسل عنده ليس بحجة ، وهو نقل مستغرب، والمشهور خلافه -والله أعلم- . مالك
ثم لا يخفى أن عند من يقبله إنما هو حيث يصح باقي الإسناد، أما إذا اشتمل على علة أخرى فلا يقبل، فهذا واضح ولم يذكر المصنف مذهب محل قبول المرسل في المرسل، والمشهور عنه الاحتجاج به لأنه في رسالة أحمد بن حنبل كما ترى أن أبي داود وافق أحمد على عدم الاحتجاج به. واقتضى إطلاق المصنف النقل عن الشافعي المالكية والحنفية أنهم (يقبلونه) مطلقا وليس كذلك، فإن عيسى بن أبان وغيرهما من وابن الساعاتي الحنفية ومن تبعه من وابن الحاجب المالكية لا يقبلون منه إلا ما أرسله إمام من أئمة النقل، بل رده مطلقا ونازع في قبوله إذا اعتضد - أيضا - . القاضي الباقلاني
وقال: الصواب رده مطلقا وهو من أئمة المالكية - والله أعلم - .