[ ص: 494 ] ذكر الصلاة الأخرى التي توهم أكثر الناس أنها معارضة الأخبار الأخر التي ذكرناها
2124 - أخبرنا قال : حدثنا الحسن بن سفيان قال : حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ عن المعتمر بن سليمان قال : حدثنا أبيه نعيم بن أبي هند عن ، أحسبه عن أبي وائل عن مسروق عائشة ، أنها قالت : فليبادر بالصلاة وليصل بالناس بلالا . قالت : فقلت : يا رسول الله إن أبو بكر رجل أسيف لا يستطيع أن يقوم مقامك . قالت : فنظر إلي حين فرغ من كلامه ، ثم أغمي عليه ، فلما أفاق قال : هل نودي بالصلاة ؟ قالت : فقلت : لا ، قال : مري أبا بكر فليناد بالصلاة وليصل بالناس بلالا . أبو بكر
قالت : فأومأت إلى حفصة فقالت : يا نبي الله ، إن رجل رقيق [ ص: 495 ] لا يستطيع أن يقرأ إلا يبكي . قال : فنظر إليها حين فرغت من كلامها ، ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أفاق قال : هل نودي بالصلاة ؟ قالت : فقلت : لا ، فقال : مري أبا بكر فليناد بالصلاة وليصل بالناس بلالا ، فإنكن صواحبات أبو بكر يوسف ، ثم أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فأقام الصلاة وصلى بالناس بلال ، ثم أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء أبو بكر بنوبة ، وبريرة فاحتملاه . قالت عائشة : فكأني أنظر إلى أصابع قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم تخط في الأرض . قالت : فلما أحس بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستأخر فأومأ إليه أن يثبت . قالت : وجيء بنبي الله صلى الله عليه وسلم فوضع بحذاء أبو بكر في الصف أبي بكر أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أفاق قال : هل نودي بالصلاة ؟ فقلنا : لا ، فقال : مري .
قال رضي الله عنه : هذا خبر يوهم من لم يحكم صناعة الأخبار ، ولا يفقه في صحيح الآثار أنه يضاد سائر الأخبار التي تقدم ذكرنا لها ، وليس بين أخبار أبو حاتم المصطفى صلى الله عليه وسلم تضاد ولا تهاتر ولا يكذب بعضها بعضا ، [ ص: 496 ] ولا ينسخ بشيء منها القرآن ؛ بل يفسر عن مجمل الكتاب ومبهمه ، ويبين عن مختصره ومشكله .
وقد دللنا بحمد الله ومنه على أن هذه الأخبار التي رويت كانت في صلاتين لا في صلاة واحدة ، على حسب ما وصفناه ، فأما الصلاة الأولى فكان خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليها بين رجلين ، وكان فيها إماما ، وصلى بهم قاعدا ، وأمرهم بالقعود في تلك الصلاة . وهذه الصلاة كان خروج النبي صلى الله عليه وسلم إليها بين بريرة ونوبة ، وكان فيها مأموما ، وصلى قاعدا في الصف خلف . أبي بكر