فصل : . كلام الله تعالى واحد
وهو مع وحدته متضمن لجميع معاني الكلام . كما أن علمه واحد ، وهو مع وحدته محيط بما لا يتناهى من المعلومات حتى لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض . وفهم ذلك غامض ، وتفهيمه على المتكلم لا على [ ص: 81 ] الأصولي . وأما كلام النفس في حقنا فهو يتعدد كما تتعدد العلوم . ويفارق كلامه كلامنا من وجه آخر ، وهو أن أحدا من المخلوقين لا يقدر على أن يعرف غيره كلام نفسه إلا بلفظ أو رمز أو فعل ، والله تعالى قادر على أن يخلق لمن يشاء من عباده علما ضروريا بكلامه من غير توسط حرف وسوط ودلالة ، ويخلق لهم السمع أيضا بكلامه من غير توسط صوت وحرف ودلالة . ومن سمع ذلك من غير توسط فقد سمع كلام الله تحقيقا ، وهو خاصية موسى صلوات الله تعالى عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء . وأما من سمعه من غيره ملكا كان أو نبيا كان تسميته سامعا كلام الله تعالى كتسميتنا من سمع شعر من غيره بأنه سمع شعر المتنبي ، وذلك أيضا جائز ، ولأجله قال الله تعالى : { المتنبي وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }