الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الباب الثاني : في شروط التواتر .

              شروط التواتر . وهي أربعة :

              الأول : أن يخبروا عن علم لا عن ظن ، فإن أهل بغداد لو أخبرونا عن طائر أنهم ظنوه حماما أو عن شخص أنهم ظنوه زيدا لم يحصل لنا العلم بكونه حماما وبكونه زيدا ، وليس هذا معللا ، بل حال المخبر لا تزيد على حال المخبر ; لأنه كان في قدرة الله تعالى أن يخلق لنا العلم بخبرهم وإن كان عن ظن ولكن العادة غير مطردة بذلك .

              الشرط الثاني : أن يكون علمهم ضروريا مستندا إلى محسوس ; إذ لو أخبرنا أهل بغداد عن حدوث العالم وعن صدق بعض الأنبياء لم يحصل لنا العلم ، وهذا أيضا معلوم بالعادة ، وإلا فقد كان في قدرة الله تعالى أن يجعل ذلك سببا للعلم في حقنا .

              الشرط الثالث : أن يستوي طرفاه وواسطته في هذه الصفات وفي كمال العدد ، فإذا نقل الخلف عن السلف وتوالت الأعصار ولم تكن الشروط قائمة في كل عصر لم يحصل العلم بصدقهم ; لأن خبر أهل كل عصر خبر مستقل بنفسه فلا بد فيه من الشروط ، ولأجل ذلك لم يحصل لنا العلم بصدق اليهود مع كثرتهم في نقلهم عن موسى عليه الصلاة والسلام تكذيب كل ناسخ لشريعته ، ولا بصدق الشيعة والعباسية والبكرية في نقل النص على إمامة علي أو العباس أو أبي بكر رضي الله عنهم وإن كثر عدد الناقلين في هذه الأعصار القريبة ، لأن بعض هذا وضعه الآحاد أولا ثم أفشوه ثم كثر الناقلون في عصره وبعده ، والشرط إنما حصل في بعض الإعصار فلم تستو فيه الأعصار ، ولذلك لم يحصل التصديق بخلاف وجود عيسى عليه السلام وتحديه بالنبوة ووجود أبي بكر وعلي رضي الله عنهما وانتصابهما للإمامة ، فإن كل ذلك لما تساوت فيه الأطراف والواسطة حصل لنا علم ضروري لا نقدر على تشكيك أنفسنا فيه ، ونقدر على التشكيك فيما نقلوه عن موسى وعيسى عليهما السلام وفي نص الإمامة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية