الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 118 ] الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      إنا هدنا إليك : من كسر الهاء؛ فهو على معنى: تحركنا إليك؛ كأن المعنى: إنا هدنا أنفسنا إليك؛ أي: حركناها نحو طاعتك، هاده يهيده هيدا؛ إذا جذبه وحركه، ومنه قولهم في زجر الإبل: (هيد هيد).

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة من قرأ: أصيب به من أشاء ، وقراءة من قرأ: {أساء} ظاهرتان.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {آصارهم} ؛ أراد ضروبا من الآثام مختلفة، ومن أفرد؛ فلأنه مصدر يدل على الكثرة.

                                                                                                                                                                                                                                      والوجوه المقروء بها في: {تغفر لكم خطيئاتكم} ظاهرة.

                                                                                                                                                                                                                                      إذ يعدون في السبت : موضع {إذ} نصب؛ على تقدير: سلهم عن وقت عدوهم في السبت، و {إذ} من قوله: إذ تأتيهم حيتانهم : في موضع نصب بـ {يعدون} ؛ التقدير: سلهم إذ عدوا في وقت إتيان الحيتان.

                                                                                                                                                                                                                                      ويوم لا يسبتون : إضافة {يوم} إلى لا يسبتون عند المبرد ؛ لأن الفعل بمعنى المصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 119 ] الزجاج : هو على معنى الحكاية؛ كأنه قال: اليوم الذي يقال فيه: يوم لا يسبتون.

                                                                                                                                                                                                                                      وإضافته عند سيبويه لكثرة الاستعمال.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم الياء من {يسبتون} ؛ فمعناه: يدخلون في السبت، وضم الباء وكسرها من: {يسبتون} لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      كذلك نبلوهم : يجوز أن يكون المعنى: ابتلاء مثل هذا الابتلاء نبلوهم، [فيوقف على هذا التقدير- على: لا تأتيهم ، ويجوز أن يكون المعنى: ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك؛ أي: لا تأتيهم شرعا]، فيوقف على هذا التقدير- على: {كذلك}، والكاف في الوجهين في موضع نصب؛ لكونها وصفا لمصدر محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {بعذاب بيس}: من قرأ: {بئس} ؛ بالهمز؛ مثل: (فعل) ؛ فأصله فعل استعمل استعمال الأسماء، فصار وصفا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم عن قيل وقال"، ويجوز أن يكون أصله اسما وصفا، فالأصل:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 120 ] (بئس) ؛ كـ (حذر)، فنقلت حركة عينه إلى فائه، وأسكنت العين؛ كـ (فخذ)، و (كتف).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيس} ؛ بغير همز؛ احتمل أن يكون أصلها ما قدمناه، فخففت الهمزة، [واحتمل أن يكون مثل ما جاء من الأوصاف على (فعل) ؛ كـ (نضو)، و (نقض)، ونظائرهما، وأصله الهمز، كما تقدم، فخففت الهمزة].

                                                                                                                                                                                                                                      ووجه مخالفة أصحاب نافع أصولهم في هذا الموضع، فتركوا همزه دون غيره: أنه إن كان فعلا وصف به؛ فإنه لما نقل عن بابه، وغير للتخفيف؛ ترك همزه؛ ليكون ذلك زيادة في تخفيفه، وليس في القرآن ما يشبهه مما غير، وألزم التخفيف، وكذلك إن كان اسما صفة، أصله: (بئس) ؛ كـ (حذر) ؛ فإنه كسرت الباء منه، وخفف؛ لما لحقه من التغيير.

                                                                                                                                                                                                                                      [ويحتمل أن يكون الأصل: (بئيس) ؛ مثل: (فعيل)، فكسرت الباء؛ إتباعا للهمزة، ثم حذفت الهمزة استخفافا، ولا يجوز همزه على هذا الوجه].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 121 ] و {بئيس}: يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن يكون صفة؛ من (بئس يبأس) ؛ إذا اشتد؛ فهو كـ (شديد).

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن يكون مصدرا؛ مثل: (عذير الحي)، فيكون على تقدير حذف المضاف؛ كأنه قال: بعذاب ذي بؤس.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بئيس} ؛ فعلى الإتباع، كما قدمنا؛ كما قالوا: (شهيد)، و (شعير).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيئس} ؛ فهو (فيعل) صفة؛ كـ (حيدر)، و (ضيغم).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيئس} ؛ مثل: (فيعل) ؛ فهو شاذ، إنما يجيء ذلك في المعتل؛ كـ (هين)، و (ميت)، ويجوز أن يكون جاء في الهمزة؛ لمشابهتها حروف العلة؛ لما يلحقها من التغيير.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بئس} ؛ فعلى أنه فعل؛ والمعنى: بعذاب بئس العذاب؛ [ ص: 122 ] كما يقال: (فعلت كذا ونعمت) ؛ أي: ونعمت الخصلة، وكذلك القول لمن قرأ: {بيس} ؛ بغير همز.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيس} ؛ جاز أن يراد به الفعل الماضي الذي هو على (فيعل) ؛ مثل: (هينم) ؛ فطرحت فتحة الهمزة على الياء، وحذفت الهمزة، وذلك وإن لم يستعمل؛ فكثيرا ما يقدرون ما لا يستعمل.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيس} ؛ فأصله: (بئيس) ؛ مثل: (فعيل)، فحذفت الهمزة رأسا، أو يكون أصله: (بئس) ؛ مثل: (حذر) ؛ فخففت الهمزة، فصارت بين همزة وياء، فقاربت الياء، فثقلت الكسرة فيها، فأسكنت.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بئس} ؛ فهو مقصور من (بئيس).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بائس} ؛ فهو اسم الفاعل من (بئس) ؛ ومعناه: بعذاب شديد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بيس} ؛ فالأصل: (بيئس) ؛ مثل: (فيعل) ؛ فخففت الهمزة [ ص: 123 ] بالبدل؛ على مذهب من يجري الملحق مجرى الزائد.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بأس} ؛ فهو مخفف من {بئس}، وقد تقدم القول فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {بئيس} ؛ فهو صفة على (فعيل) ؛ كـ (حذيم).

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في ورثوا الكتاب ، و {ورثوا}، و {ودرسوا}، و {ادارسوا}: بين.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم التخفيف والتشديد في مثل: {يمسكون}.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية