الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 173 ] القول في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم إلى قوله: ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور [الآيات: 24- 45].

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ ص: 174 ] إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنـزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور .

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام والنسخ:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون : قال عكرمة ، والحسن : هذا منسوخ بقوله: وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 175 ] وعن ابن عباس ، والضحاك ، وغيرهما: نزل وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم والنبي صلى الله عليه وسلم مقيم بمكة، ثم خرج منها، فاستغفر من بها من المسلمين، فأنزل الله تعالى: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ، ثم خرج المسلمون من بين أظهرهم، فعذب الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أيضا، وأبي موسى الأشعري، وغيرهما: أن المعنى: ليعذبهم بمكة وأنت فيهم، حتى يخرجك من بين أظهرهم، وما كان الله معذبهم وهم يقولون: غفرانك، وما لهم ألا يعذبهم الله في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما: المعنى في: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون أي: لو استغفروا، ولم يكونوا يستغفرون، فأنزل الله: وما لهم ألا يعذبهم الله ... الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن مجاهد أيضا: أنه قال: عنى بالاستغفار ههنا: الإسلام؛ أي: وما كان الله معذبهم وهم يسلمون.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس أيضا: أن المعنى: وما كان الله معذبهم وقد سبق في علمه أن فيهم من يدخل في الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وعنه: أن معنى وهم يستغفرون : وفيهم مؤمنون يستغفرون، وعنه: أن معنى {يستغفرون}: يصلون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 176 ] وقيل: هما أمانان: الاستغفار، والإيمان؛ فمن استغفر ولم يؤمن؛ أمن من العذاب في الدنيا، وعذب في الآخرة، ومن استغفر وآمن؛ أمن من العذابين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية