التفسير:
قوله تعالى: وتذهب ريحكم أي: نصركم، عن ، مجاهد قال وابن زيد، : ولم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله عز وجل. ابن زيد
المعنى: تذهب دولتكم؛ يقال: (ذهبت ريحه) ؛ إذا [ ص: 198 ] ذهب عزه. أبو عبيدة:
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس يعني: أبا جهل وأصحابه الخارجين يوم بدر، عن ، وغيره، و (البطر): الاغترار بالنعم. مجاهد
وقوله: وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم ... الآية:
روي: أن الشيطان تمثل لهم يومئذ في صورة سراقة بن مالك بن جعشم في جماعة من جنده، وقال لهم ما أخبر الله به عنه، فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه، وقال: إني بريء منكم، إني أرى ما لا ترون، قاله ، وغيره. ابن عباس
ويروى: أنهم قالوا: أول من انهزم سراقة، فبلغه ذلك، فحلف أنه لم يشعر بمسيرهم حتى بلغته هزيمتهم.
نكص على عقبيه : رجع القهقرى. ومعنى
وقيل: إن ما أخبر به عن الشيطان من التزيين لهم إنما كان بالوسوسة من غير تمثل.
ويقال: إن إبليس خاف يوم بدر أن يكون اليوم الذي أنظر إليه؛ فلذلك قال: إني أخاف الله ، وقيل: بل قال ذلك كاذبا.
[ ص: 199 ] إذ يقول المنافقون أي: اذكر إذ يقول المنافقون.
قال : الحسن والذين في قلوبهم مرض : المشركون، وعنه أيضا: أنهم المنافقون.
وقيل: والذين في قلوبهم : الشاكون، وهم أخف من المنافقين.
خرج ناس كانوا قد تكلموا بالإسلام مع المشركين، فلما رأوا قلة المؤمنين؛ ارتابوا، وقالوا: غر هؤلاء دينهم؛ يعنون: المؤمنين. الكلبي:
ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة ... الآية: هذا يوم بدر، ومعنى {أدبارهم}: أستاههم، كنى عنها بالأدبار، قاله ، مجاهد وسعيد بن جبير.
: ظهورهم. الحسن
وقوله تعالى: وذوقوا عذاب الحريق أي: يقولون لهم ذلك، وجواب {لو} محذوف؛ لتعظيم الأمر وتفخيمه.
وتكرير قوله: كدأب آل فرعون معناه: أن الأول يعني به: العادة في التكذيب، والثاني: العادة في التغيير.
وقوله: الذين عاهدت منهم ... الآية: يعني: قريظة، عن . مجاهد
فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم : قال ، الحسن ، وغيرهما: المعنى: إن أسرتهم؛ فنكل بهم تنكيلا يشرد غيرهم من ناقضي العهد. وقتادة
سعيد بن جبير: معنى (شرد بهم): أنذر بهم.
[ ص: 200 ] أبو عبيدة: معناه: سمع بهم، وهي لغة قريش.
: المعنى: افعل بهم من القتل ما تفرق به من خلفهم، و (التشريد): التفريق. الزجاج
وقوله: ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا أي: لا تحسبن من أفلت من بدر من المشركين سبق إلى الحياة، ثم استأنف، فقال: إنهم لا يعجزون ؛ أي: في الدنيا حتى يظفرك الله بهم، وقيل: يعني: في الآخرة، وهو قول . الحسن
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل : قال : (القوة): ذكور الخيل، و عكرمة رباط الخيل : إناثها.
غيره: (القوة): السلاح، وفي خبر عن النبي عليه الصلاة والسلام: "إن القوة الرمي".
وآخرين من دونهم أي: وترهبون آخرين من دونهم، قال : يعني: مجاهد
[ ص: 201 ] قريظة، : يعني: المنافقين، ابن زيد : السدي أهل فارس.
وقيل: يعني: الجن، وهو اختيار ، وروي: أن الجن لا تقرب دارا فيها فرس، وأنها تنفر من صهيل الخيل. الطبري
وقيل: المراد بذلك: كل من لا تعرف عداوته.
وقوله: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها أي: إن مالوا إلى المسالمة؛ فمل إليها.
وإن يريدوا أن يخدعوك أي: بما يظهرون لك من الصلح.
ومعنى حسبك الله : كافيك.
هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين أي: قواك.
وألف بين قلوبهم يعني: بعد العداوات التي كانت بينهم، وذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين : [قيل: المعنى: كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنين]، قاله ، الشعبي وقيل: حسبك الله وتباعك من المؤمنين، عن وابن زيد، . الحسن
يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال أي: حثهم حثا شديدا حتى يعلم من [ ص: 202 ] خالفهم أنه قد قارب الهلاك، و (الحارض) في اللغة: الذي قد قرب من الهلاك.
وقوله: حتى يثخن في الأرض : (الإثخان): كثرة القتل، عن ، وغيره. مجاهد
وقيل: (الإثخان): القوة والشدة.
تريدون عرض الدنيا أي: متاعها الذي يفنى.
والله يريد الآخرة أي: عمل الآخرة.
لولا كتاب من الله سبق ... الآية:
قال ، [ مجاهد ]: هو أن والحسن وعن الله تعالى أحل لهم الغنائم، أيضا: هو ما كتب في أم الكتاب من أنهم لا يعذبون على ذلك، وعنه أيضا: لولا كتاب من الله سبق أنه لا يعذب أحدا [بذنب أتاه جاهلا، وعنه أيضا: المعنى: لولا كتاب من الله سبق أنه لا يعذب أحدا] إلا بعد البيان. الحسن
ومعنى فيما أخذتم : فيما أخذتم من الأسرى والغنائم.
: أخذوه قبل أن يؤذن لهم في أخذه، وقد كان سبق في علم الله تعالى أنه سيحله لهم. ابن عباس
[ ص: 203 ] وقيل: المراد بقوله: لولا كتاب من الله سبق [القرآن؛ فالمعنى: فآمنتم به؛ فاستوجبتم به العفو.
وقيل: المعنى: لولا كتاب من الله سبق] أنه يكفر الصغائر باجتناب الكبائر.
فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا أي: قد أحلت لكم الغنائم؛ فكلوا.
وقوله عز وجل: يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى : قيل: الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وقيل: هو للنبي عليه الصلاة والسلام وحده؛ والمعنى: قل لأصحابك: قولوا لمن في أيديكم من الأسرى.
يؤتكم خيرا مما أخذ منكم : قيل: في الدنيا، وقيل: في الآخرة، وروي: أن فداء كل واحد من الأسرى كان أربعين أوقية، إلا العباس وحده، فكان فداؤه مئة أوقية، وقد آتاه الله خيرا منه، حين قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مال من البحرين، فقال له: "خذ"، فبسط ثوبه، وأخذ مقدار ما قدر على حمله.
[ ص: 204 ] وإن يريدوا خيانتك أي: خيانتك في العهود؛ فقد رأيت إمكان الله منهم.
: يعني بذلك: قتادة عبد الله ابن أبي سرح، الذي كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد، وقيل: يعني: الذين فاداهم النبي عليه الصلاة والسلام، وأظهروا الإسلام.
وقوله: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء أي: من نصرهم وموارثتهم.
وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق أي: فلا تنقضوه.
والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم يعني: من بعد الحديبية، وكان يقال لها: الهجرة الثانية.
فأولئك منكم أي: مثلكم في النصر والموالاة.
وقوله: بعضهم أولى ببعض في كتاب الله : قيل: في اللوح المحفوظ، وقيل: في حكم الله، وقد تقدم ما في ذلك من الأحكام والنسخ.