الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تنازعوا فتفشلوا : نصب {فتفشلوا} ؛ لأنه جواب النهي، ولا يجوز عند سيبويه حذف الفاء والجزم، وأجازه الكسائي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال لا غالب لكم اليوم من الناس : {اليوم}: متعلق بالظرف، وكذلك من الناس ، وقوله: من الناس : يجوز أن يكون صفة [ ص: 209 ] لـ غالب ، ويجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم : موضع {يضربون} نصب بأنه حال من الملائكة ، ويجوز أن يكون منقطعا مما قبله؛ على تقدير: وهم يضربون.

                                                                                                                                                                                                                                      ورفع {الملائكة} -على قراءة من قرأ بالياء- يجوز أن يكون بالفعل الذي هو {يتوفى}، ويجوز أن يكون بالابتداء، والخبر {يضربون}، ويكون التمام: إذ يتوفى الذين كفروا ؛ والمعنى: إذ يتوفى الله الذي كفروا، ولا يرتفع {الملائكة} في قراءة من قرأ بالتاء إلا بالفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بما قدمت أيديكم : ابتداء وخبر، أو على تقدير: الأمر ذلك، وقوله: وأن الله ليس بظلام للعبيد : التقدير: وبأن الله، فـ {أن} عطف على (ما)، ويجوز أن يكون التقدير: وذلك أن الله.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة : موضع {ذلك}: يجوز أن يكون رفعا؛ على تقدير: الأمر ذلك، أو نصبا؛ على معنى: فعلنا بهم ذلك، وأن الله : معطوف على {ذلك}.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 210 ] {فشرد}: الذال لا وجه لها إلا أن تكون بدلا من الدال؛ لتقاربهما، ولا يعرف {فشرذ} في اللغة.

                                                                                                                                                                                                                                      {ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا}: من قرأ بالتاء؛ ففي الفعل ضمير الفاعل، و {الذين كفروا}: مفعول أول، و {سبقوا}: مفعول ثان، ومن قرأ بالياء؛ احتمل أن يكون في الفعل ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون {الذين كفروا}، و {سبقوا} المفعولين.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {الذين كفروا}، فاعلين، والمفعول الأول محذوفا؛ المعنى: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا، ويجوز أن يقدر حذف (أن)، [فيكون المعنى: ولا يحسبن الذين كفروا أنهم سبقوا؛ فتسد (أن) مسد المفعولين، وحذفت (أن)]؛ كما أجاز سيبويه حذف (أن) في قوله: أفغير الله تأمروني أعبد [الزمر: 64]، ونحوه؛ والتقدير عنده: أن أعبد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 211 ] ومن فتح الهمزة من {إنهم} فـ (أن) متعلقة بالجملة الأولى؛ والتقدير: ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا؛ [لأنهم لا يعجزون، ويجوز أن تكون بدلا من {سبقوا}، على أن تكون {لا} زائدة؛ فيكون المعنى: ولا تحسبن الذين كفروا أنهم يعجزون.

                                                                                                                                                                                                                                      والياء في {يعجزوني} على الإضافة، وحذف النون؛ لاجتماع النونين، حسب ما تقدم في {أتحاجوني} [الأنعام: 80].

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {ومن ربط الخيل} ؛ فهو جمع (رباط) ؛ كـ (كتاب، وكتب)، وقد تقدم رباط الخيل في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {فاجنح لها} ؛ بضم النون؛ فهي لغة حكاها سيبويه ، والضم في مستقبل (جنح) هو القياس؛ لأنه فعل غير متعد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن اتبعك من المؤمنين يجوز أن يكون موضع {من} رفعا، على العطف على اسم الله تعالى، أو على أنها ابتداء، والخبر مضمر؛ المعنى: ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله، أو يكون نصبا على معنى: يكفيك الله، ويكفي من اتبعك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: عشرون صابرون : كسر عين (عشرين) [عند سيبويه ؛ لأن [ ص: 212 ] (عشرين) ] من (عشرة) بمنزلة (اثنين) من (واحد)، وكذلك كسر أول (ستين) و (تسعين) ؛ كما كسر أول (ستة) و (تسعة).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: ( إن تكن منكم عشرون ) ؛ بتاء؛ حمله على معنى: إن تكن منكم فرقة صابرة عددها عشرون، ومن ذكر مع (المئة) ؛ حمل على المعنى؛ لأنهم رجال، ومن أنث؛ فعلى لفظ (المئة)، ومن أنث المنعوت بـ {صابرة} خاصة؛ فلأن تأنيث النعت قواه.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الضعف) و (الضعف): لغتان، و {ضعفاء}: جمع (ضعيف).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {أن تكون له أسرى} بالتاء؛ فلتأنيث لفظ {أسرى}، ومن قرأ بالياء؛ فلأن (الأسرى) مذكرون، والفعل متقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 213 ] ومن قرأ: {والله يريد الآخرة} ؛ بالجر؛ فهو بعيد، ووجهه مع بعده: أنه لما قال: تريدون عرض الدنيا ، فجرى ذكر (العرض) ؛ صار كأنه أعاده ثانيا، فكأنه قال: والله يريد عرض الآخرة، ونظيره قوله: [من المتقارب].


                                                                                                                                                                                                                                      أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا

                                                                                                                                                                                                                                      فناب ذكر (كل) في أول الكلام عن إعادتها في آخره، ولولا هذا التقدير؛ لكان عطفا على عاملين، وكذلك حذف المضاف من [والله يريد عرض الآخرة].

                                                                                                                                                                                                                                      فعليكم النصر : ابتداء وخبر، ويجوز نصب {النصر} على الإغراء.

                                                                                                                                                                                                                                      إلا تفعلوه : الهاء للتناصر والتوارث بالقرابة.

                                                                                                                                                                                                                                      تكن فتنة بمعنى: تقع فتنة، وأجاز الكسائي النصب؛ على معنى: تكن فعلتكم ما سواه فتنة وفسادا كبيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر الواو من {ولايتهم} لغة، يجوز أن تكون من: (وليت الشيء)، [ ص: 214 ] وقيل: كسرت؛ لأن قوله: نولي بعض الظالمين [الأنعام: 129]، جنس من الصناعة؛ فأشبه (القصارة)، و (الخياطة)، ونظائرهما، ومن فتح؛ فهو مصدر؛ ومعناه: النسب أو النصرة.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مدنية، وعددها في المدنيين، والمكي، والبصري : ست وسبعون آية، وفي الكوفي: خمس وسبعون، وفي الشامي: سبع وسبعون.

                                                                                                                                                                                                                                      اختلف منها في ثلاث آيات:

                                                                                                                                                                                                                                      ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون [36]: بصري، وشامي.

                                                                                                                                                                                                                                      ليقضي الله أمرا كان مفعولا الأول [42]: عدها الجماعة سوى الكوفي.

                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين [62]: عدها الجماعة سوى البصري.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية