التفسير:
قوله تعالى: براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين أي: قد تبرأ الله ورسوله من إعطائهم العهود، ومن الوفاء لهم بها إن نكثوا، وجاء {عاهدتم} على الخطاب؛ دلالة على معنى الأمر بالنبذ إلى المشركين.
وقوله: فسيحوا في الأرض أربعة أشهر : روي عن أن ذلك إنما كان لمن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد، وأجل من لم يكن بينه وبينه عليه الصلاة والسلام عهد خمسين ليلة، أولها يوم النحر؛ فأول الأشهر الأربعة الحرم عنده يوم النحر، وقال بنحو ذلك ابن عباس: إلا أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عاهد قريشا زمن قتادة، الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر؛ فأمر أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخر من لا عهد له إلى انسلاخ المحرم.
هي للجميع من يوم النحر إلى تمام الشهور الأربعة. السدي:
[ ص: 222 ] أولها شوال، وهي لمن ليس له عهد، [ولمن كان له عهد إلى أربعة أشهر]، ولمن كان عهده أقل من أربعة أشهر، ولمن كان له عهد إلى أربعة أشهر]، ولمن كان عهده أقل من أربعة أشهر، ولمن كان له عهد إلى أجل غير محدود. الزهري:
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأربعة لمن كان له عهد أربعة فما دونها، ومن كان عهده أكثر من أربعة؛ فهو الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتم له عهده بقوله: الكلبي: فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ، وهذا اختيار الطبري.
وروي: أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد خروج أبي بكر رضي الله عنه بالناس؛ ليحج بهم سنة تسع، فبعث بها النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه؛ ليتلوها على الناس بالموضع الذي يجتمع فيه الفريقان؛ وهو منى، وأمره أن ينادي: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف عليا بالبيت عريان، فنادى رضي الله عنه، وأعانه علي وغيره، وكان على أبو هريرة مكة حينئذ عتاب بن أسيد، استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ثمان، وهو عام الفتح، وكان حج عتاب سنة تسع في ذي القعدة، ووقفت الحمس [ ص: 223 ] ومن اتبعها وأبي بكر بمزدلفة، وسائر الناس بعرفة على ما كانوا عليه، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع سنة عشر في ذي الحجة، واستقرت معالم الحج على ما هي عليه الآن.
وقوله: فاعلموا أنكم غير معجزي الله أي: غير فائتيه، ولا سابقيه.
وقوله: وأذان من الله ورسوله أي: إعلام.
وقوله: إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم : الاستثناء من تبرؤ الله ورسوله من المشركين في العهد الذي كان لهم، قاله الزجاج.
المعنى: اقتلوا المشركين إلا الذين عاهدتم، ومعنى الحسن: ثم لم ينقصوكم : لم ينقصوكم من شروط العهد شيئا، ولم يظاهروا أي: لم يعاونوا، وروي: أن هذا مخصوص في بني ضمرة خاصة.
ومعنى: فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم أي: وإن كانت أكثر من أربعة أشهر، والأربعة للمشركين كافة، على الاختلاف المتقدم.
وقوله: واقعدوا لهم كل مرصد أي: على كل مرصد.
[ ص: 224 ] وقوله: فأجره حتى يسمع كلام الله : إضافة (الكلام) إلى (الله) تعالى إضافة صفة إلى موصوف؛ لأن ذاته تعالى غير متعدية من الكلام، وليست بإضافة خلق إلى خالق، ولا ملك إلى مالك، ولا إضافة تشريف.