وقوله تعالى: إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا الآية:
الأشهر الحرم المذكورة في هذه الآية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الفرد الذي بين جمادى الآخرة وشعبان؛ وهو رجب مضر، وقيل له: رجب مضر؛ لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان، ويسمونه رجبا، وكانت مضر تحرم رجبا نفسه؛ فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "الذي بين جمادى وشعبان".
وقوله: فلا تظلموا فيهن أنفسكم يعني: في شهور السنة كلها؛ أي: لا تعصوا ربكم، روي ذلك عن ابن عباس، وغيره.
قتادة: يعني: في الأشهر الأربعة الحرم؛ والمعنى: لا تظلموا أنفسكم بالقتال فيها، ثم نسخ ذلك بإباحة القتال في جميع الشهور.
وقوله تعالى: ذلك الدين القيم معناه: الحساب الصحيح، والعدد المستوفى.
[ ص: 247 ] ابن عباس: القضاء القيم.
وقوله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر : {النسيء} : التأخير، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر إذا احتاجوا إلى القتال فيه، قاله الزهري، وقتادة، وغيرهما.
قتادة: وكانوا يسمونهما الصفرين.
مجاهد: كان لهم حساب يحسبونه، فربما قالوا: الحج في هذه السنة في المحرم، وربما قالوا: في غيره.
ابن عباس: كان جنادة بن أمية يوافي الموسم في كل عام، وكان يكنى أبا ثمامة، فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يخاب ولا يعاب، ألا وإن صفرا العام الأول حلال؛ فيحله الناس، فيحرم صفرا عاما، والمحرم عاما.
وقوله تعالى: إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما : قال ابن عباس، والضحاك: هي منسوخة بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة [التوبة: 122]، وكذلك قال الحسن وعكرمة فيها، وفي قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله [التوبة: 120] الآية: إنها منسوخة بقوله: وما كان المؤمنون لينفروا كافة .
[ ص: 248 ] وقيل: هو من باب العموم والخصوص، ولا نسخ فيه.
وقوله تعالى: انفروا خفافا وثقالا : قال الأوزاعي: ركبانا ومشاة.
الحكم: مشاغيل وغير مشاغيل.
زيد بن أسلم: (المثقل) : الذي له عيال، و (المخف) : الذي لا عيال له.
أبو صالح: أغنياء وفقراء.
ابن عباس، وقتادة: نشاطا وغير نشاط.
ابن زيد: من له ضيعة، ومن لا ضيعة له.
وقال قوم: هي منسوخة بقوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة . [التوبة: 122].
وقوله تعالى: عفا الله عنك لم أذنت لهم إلى قوله: {يترددون} : قال عكرمة، والحسن: هذه الآيات منسوخة بقوله تعالى: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم ، وروي ذلك عن ابن عباس، وعنه أيضا: أنها تعبير للمنافقين حين استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في القعود عن الجهاد بغير عذر، وعذر الله تعالى المؤمنين، فقال: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم الآية.


