[ ص: 155 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنفال
القول في قوله عز وجل: يسألونك عن الأنفال إلى قوله: ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون [الآيات: 1- 23].
يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينـزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا.الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار [ ص: 156 ] ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون الأحكام والنسخ:
الأنفال في قول وغيره: الغنائم، وعنه أيضا، وعن ابن عباس : أنها ما شذ عن المشركين إلى المسلمين؛ فهو للنبي صلى الله عليه وسلم يضعه حيث يشاء. عطاء
وعن أيضا قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم ابن عباس بدر: "من أتى مكان كذا؛ فله كذا"، فتسرع الشباب، وبقي الشيوخ، فجاء الشباب يطلبون ما جعل لهم، فنازعهم فيه الشيوخ، فنزلت الآية.
[ ص: 157 ] وعنه أيضا، وعن : سألوا عن الغنيمة: لمن هي؟ فأخبروا أنها لله ولرسوله دونهم، وعنهما، وعن عكرمة عبادة بن الصامت: بدر، ولم ينفل آخرين، فاختلفوا بعد انقضاء الحرب؛ فنزلت الآية. أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل أقواما يوم
: نزلت في رجلين أصابا سيفا، فاختصما فيه إلى النبي، فقال لهما: ابن وهب "هو لي، وليس لكما"، ثم نسخ ذلك بقوله: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول [الأنفال: 41]، وممن روي عنه أنها منسوخة: ، ابن عباس ، وغيرهما. ومجاهد
وعن أيضا: أن مجاهد الأنفال : الخمس.
[ ص: 158 ] علي بن صالح، : والحسن الأنفال : أنفال السرايا خاصة.
: إنما ابن المسيب يفعل فيه ما يراه صلاحا، قال ينفل الإمام من خمس الخمس، : (وهو رأيي)، وهو مذهب مالك ، ابن حنبل وإسحاق ، وغيرهما.
: للإمام أن ينفل من شاء، إذا كان فيه صلاح للمسلمين. ابن عمر
افترقوا يوم إسماعيل القاضي: بدر ثلاث فرق؛ فقالت فرقة اتبعت العدو: نحن أولى بالغنائم، وقالت فرقة حفت النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أولى، وقالت فرقة أحاطت بالغنائم: نحن أولى، وقالت فرقة أحاطت بالغنائم: نحن أولى؛ فنزلت الآية.
وقال القاسم بن عبد الرحمن، ومكحول، وغيرهما: لا يكون النفل إلا في أول المغنم.
[ ص: 159 ] : الأوزاعي ولا فتح، وكذلك قال لا نفل في ذهب، ولا فضة، ولا لؤلؤ، ولا سلب في يوم هزيمة، سعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن زيد، وغيرهما: إنه لا نفل في العين المعلومة الذهب والفضة.
وقال ، ابن حنبل وإسحاق : النفل في كل شيء، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نفل القاتل سلب المقتول).
قال ، الشافعي : يخرج السلب من جملة الغنيمة قبل أن تقسم. وابن حنبل
إسحاق: إذا كثرت الأسلاب؛ فللإمام أن يخمسها، وفعل ذلك رضي الله عنه. عمر بن الخطاب
الزيادة، وإنما يستعمل في الخير الذي يحمد فاعله؛ كـ (النافلة) التي هي أعمال من البر غير واجبة. وأصل (النفل) في اللغة:
[ ص: 160 ] وقوله: ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ... الآية:
قال ، الحسن ، وقتادة : إنما كان هذا الوعيد يوم والضحاك بدر خاصة.
: هو عام، وحكمها باق إلى يوم القيامة، ابن عباس والفرار من الزحف من الكبائر.
: هي منسوخة بقوله: عطاء إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين [الأنفال: 65-66]، إلى تمام الآيتين، فنسخ ذلك عنهم، وأطلق لهم أن يولوا من أكثر من العدد المذكور.