الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن : هذه الآية عامة لجميع المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال السدي ، وابن زيد ، وغيرهما : المراد بها : النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      عائشة رضي الله عنها : نزلت في المؤذنين ، وقاله عكرمة ، قال : ومعنى وعمل صالحا : صلى ، وصام .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 22 ] قيس بن أبي حازم : نزلت في كل مؤمن ، قال : ومعنى وعمل صالحا : الصلاة بين الأذان والإقامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن : قال عطاء ومجاهد : إذا لقيته ؛ فقل : سلام عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : هو الرجل يسب الرجل ، فيقول الآخر : إن كنت صادقا علي ؛ فغفر الله لي ، وإن كنت كاذبا ؛ فغفر الله لك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : {الحسنة} : الطاعة ، و {السيئة} : الشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وما يلقاها إلا الذين صبروا أي : ما يلقى هذه الفعلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم أي : من الخير ، قتادة : (الحظ العظيم ) : الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، إلى قوله : واسجدوا لله الذي خلقهن أي : خلق الليل ، والنهار ، والشمس ، والقمر ؛ فالضمير للجميع ، ويجوز أن يكون للشمس والقمر خاصة ؛ لأن الاثنين جمع ، وقيل : الضمير عائد على معنى (الآيات ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 23 ] وقوله : فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار يعني : الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وهم لا يسأمون أي : لا يملون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا : تهدد ووعيد ، قال مجاهد : المراد بـ(الإلحاد ) : المكاء والتصدية ، ابن عباس : هم الذين يبدلون آيات الله ، ابن زيد : هم أهل الكفر والشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة : قال قتادة : يعني : أبا جهل ، وعمار بن ياسر ؛ وهو الذي يأتي آمنا يوم القيامة ، وقيل : هو حمزة بن عبد المطلب ، وقيل : الآية عامة في كل كافر ومؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم القول في معنى المفاضلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : اعملوا ما شئتم : وعيد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم : خبر {إن} محذوف في قول الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي : قد سد ما قبلها مسد الخبر ؛ يعني : قوله : أفمن يلقى في النار خير ، وما بعده .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإنه لكتاب عزيز أي : ممتنع من أن يؤتى بمثله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 24 ] وقوله : لا يأتيه الباطل من بين يديه : [أي : بنقص منه ] ، ولا من خلفه ؛ أي : بزيادة فيه ، قاله الحسن ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : لا يبطل الشيطان فيه حقا ، ولا يحق باطلا .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : لا يبطله كتاب قبله ، ولا يأتي بعده كتاب فيبطله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : لا يأتيه الباطل قبل تمام نزوله ، ولا بعد كمال نزوله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن الضمائر للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن القرآن لا خلف له ، ولا أمام ؛ إذ هو صفة من صفات ذات الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك يعني : من الأذى والتكذيب ، وهو تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أي : بينت .

                                                                                                                                                                                                                                      أأعجمي وعربي أي : أقرآن أعجمي ، ونبي عربي ؟ عن ابن جبير .

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : أقرآن أعجمي ، وقوم عرب ؟

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ على الخبر ؛ فالمعنى : لولا فصلت آياته ؛ فكان منها عربي تفهمه العرب ، وأعجمي تفهمه العجم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 25 ] ومن قرأ : {أعجمي} ؛ فـ (العجمي ) : الذي ليس من العرب ، كان فصيحا أو غير فصيح ، و (الأعجمي ) : الذي لا يفصح ، كان من العرب أو من العجم ؛ والمعنى : أقرآن من غير كلام العرب ، وقوم عرب ؟ أو نبي عربي ؟ فأعلم الله تعالى أنه لكل من آمن به هدى وشفاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر أي : صمم ، وهو تمثيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وهو عليهم عمى أي : والقرآن عليهم عمى ، [وقيل : المعنى : والوقر عليهم عمى ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أولئك ينادون من مكان بعيد : العرب تقول ذلك لمن لا يفهم ؛ على التمثيل .

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد ، فيكون ذلك أشد لتوبيخهم وفضيحتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وما تخرج من ثمرات من أكمامها : قال مجاهد : أي : حين تطلع ، وقيل : هي الطلعة تخرج من قشرها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 26 ] السدي : من أكمامها أي : من طلعها .

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد : {أكمامها} : ما يغطيها ، وواحد (الأكمام ) : (كم ) ، ومن قال في الجمع : (أكمة ) ؛ فالواحد : (كمام ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذناك أي : أعلمناك .

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : هو من قول المشركين ، جوابا لما قيل لهم ، وقيل : هو من قول الآلهة .

                                                                                                                                                                                                                                      ما منا من شهيد أي : من يشهد أن لك شريكا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وظنوا ما لهم من محيص : الظن في قول أكثر أهل التأويل ههنا بمعنى اليقين .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو حاتم : هو بمعنى الكذب ؛ أي : قالوا آذناك ما منا من شهيد ، وكذبوا في قولهم ، والوقف عنده على {وظنوا} تام ، ولا يوقف عليه إذا جعل {ظنوا} بمعنى : أيقنوا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي : لا يمل من دعائه بالخير ؛ أي : من أن يدعو أن يصيبه الخير .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 27 ] وقوله : فيئوس قنوط أي : فهو يؤوس قنوط .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ليقولن هذا لي أي : بعملي ، وأنا حقيق به ، والمراد به : الكافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : نزل ذلك في الوليد بن المغيرة ، وقيل : في عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأمية بن خلف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض : {عريض} و (طويل ) بمعنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : سنريهم آياتنا في الآفاق أي : في آفاق الدنيا ، وتقلب أحوالها .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي أنفسهم : [أي : وفي أنفسهم ] مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : في الآفاق : فتح القرى ، وفي أنفسهم : فتح مكة ، وهذا اختيار الطبري .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : في الآفاق : آفاق السماوات ؛ نجومها ، وشمسها ، وقمرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن معنى وفي أنفسهم : سبيل الغائط والبول .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : سيرون ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن وأخبار الغيوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : سنريهم آثار الصنعة في الآفاق ، الدالة على خالقها ، وفي أنفسهم : من كونهم نطفا ، إلى غير ذلك من انتقال أحوالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 28 ] وقوله : حتى يتبين لهم أنه الحق أي : أن الله هو الحق ، لا ما يعبدون من دونه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد أي : أولم يكفهم ربك بما دلهم عليه من توحيده ؟ لأنه على كل شيء شهيد ، وإذا شهده ؛ جازى عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : أولم يكف ربك [في معاقبة الكفار ؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : أولم يكفك ربك ] يا محمد- أنه شاهد على أعمال الكفار ؟

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية