التفسير :
قوله تعالى : وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها يعني : ما أراه آل فرعون [ ص: 77 ] من الآيات .
وقوله : وقالوا يا أيه الساحر : قيل : نادوه بما كانوا ينادونه به قبل ذلك ، على حسب عادتهم ، وقيل : كانوا يسمون العلماء سحرة .
وقوله : إننا لمهتدون أي : فيما يستقبل .
وقوله : بما عهد عندك أي : من أننا إذا آمنا ؛ كشف العذاب عنا .
وقوله : وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون : قال الأخفش : في الكلام حذف ؛ والمعنى : أفلا تبصرون أم تبصرون ؟
أبو زيد : العرب تزيد {أم} ؛ والمعنى : أنا خير من هذا الذي هو مهين .
الخليل ، وسيبويه : المعنى : أفلا تبصرون أم أنتم بصراء ؟ لأنهم لو قالوا له : أنت خير ؛ كانوا عنده بصراء .
وقيل : {أم} بمعنى : بل ؛ والمعنى : قال فرعون لقومه ، بل أنا خير من هذا الذي هو مهين .
ومعنى {مهين} : لا عز له ، فهو يمتهن نفسه في حاجاته .
ولا يكاد يبين يعني : ما كان في لسانه من العقدة .
[ ص: 78 ] والوقف على : أفلا تبصرون ، وروي عن عيسى الثقفي ، ويعقوب الحضرمي : أنهما وقفا على {أم} ؛ على أن يكون التقدير : أفلا تبصرون أم تبصرون ؟ فحذف (تبصرون ) الثاني .
وقيل : من وقف على {أم} جعلها زائدة ، وكأنه وقف على {تبصرون} من قوله : أفلا تبصرون .
ولا يتم الكلام على {تبصرون} عند الخليل وسيبويه ؛ لأن {أم} تقتضي الاتصال بما قبلها .
وقوله : فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب : [أي : من السماء ] ، أو جاء معه الملائكة مقترنين أي : يمشون معا ، عن مجاهد .
قتادة : {مقترنين} : متتابعين .
وقوله : فلما آسفونا أي : أغضبونا ، عن ابن عباس وغيره ، وعن ابن عباس أيضا : أسخطونا .
وقوله : فجعلناهم سلفا : قال أبو مجلز : {سلفا} : لمن عمل عملهم ، [ و {مثلا} : لمن لم يعمل عملهم ] .
مجاهد : {سلفا} : أخبارا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، و {مثلا} أي : عبرة لهم ، وعنه [ ص: 79 ] أيضا : {سلفا} : لكفار قومك ، يتقدمونهم إلى النار .
قتادة : {سلفا} : إلى النار ، و {مثلا} أي : عظة لمن يأتي بعدهم .
و (سلف ) : جمع (سالف ) ؛ كـ (خادم ، وخدم ) ، و (سلف ) : جمع (سليف ) ، أو (سلف ) ، ومعناهما : المتقدم ، ومن قرأ : {سلفا} ؛ فهو جمع (سلفة ) ؛ أي : فرقة متقدمة .
وقوله : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون : قال مجاهد : قالوا : ما ذكر محمد عيسى إلا ليتخذه إلها ؛ كما فعلت النصارى ، وقاله قتادة ، وقال : فأنزل الله تعالى : ما ضربوه لك إلا جدلا ؛ أي : قد علموا أنك لا تريد أن تتخذه إلها .
وقوله : وقالوا أآلهتنا خير أم هو أي : أآلهتنا خير أم عيسى ؟ قاله السدي ، وقال : خاصموه ، وقالوا : إن كان كل من عبد من دون الله في النار ؛ فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى ، والملائكة ، وعزير ؛ فأنزل الله تعالى : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون الآية [الأنبياء : 101 ] ، وقال :
[ ص: 80 ] ما ضربوه لك إلا جدلا أي : ما مثلوا لك هذا المثل إلا للخصومة ؛ فالمعنى على هذا : أنهم قد علموا أن المراد بقوله : إنكم وما تعبدون [الأنبياء : 98 ] : الأصنام دون غيرها .
وقيل : إن قوله : أم هو يعني به : محمدا صلى الله عليه وسلم ، ويقويه : أن في قراءة ابن مسعود : {أم هذا} .
وقوله : إن هو إلا عبد أنعمنا عليه يعني : عيسى عليه السلام ، وقيل : يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم .
وقوله : وجعلناه مثلا لبني إسرائيل أي : عظة .
وقوله : ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون : قال ابن عباس : أي : يخلف بعضهم بعضا ، مجاهد : يعمرونها بدلا منكم .
وقوله : وإنه لعلم للساعة : قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما : المعنى : وإن عيسى لعلم للساعة ، [وقيل : المعنى : وإن القرآن لعلم للساعة ] ، وروي ذلك عن الحسن وقتادة ، وروي عنهما أيضا كقول ابن عباس المتقدم .
وقوله : ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه : [قال مجاهد : من تبديل التوراة .
[ ص: 81 ] الزجاج : المعنى : لأبين لكم في الإنجيل بعض الذي تختلفون فيه ] ، وبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه .
وقيل : بين لهم بعض الذي اختلفوا فيه من أحكام التوراة على قدر ما سألوه ، ويجوز أن يختلفوا في أشياء غير ذلك لم يسألوه عن بيانها .
وقيل : إن بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينهم ، وأشياء من أمر دنياهم ، فبين لهم أمر دينهم .
ومذهب أبي عبيدة : أن (البعض ) بمعنى : (الكل ) ، وقد تقدم ذكر ذلك .
وقوله : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو : قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغيرهما : يعني : أن أهل المعاصي يعادي بعضهم بعضا يوم القيامة .
وقوله : يا عباد لا خوف عليكم اليوم أي : يقال لهم ذلك .
وقوله : أنتم وأزواجكم تحبرون : قال النبي صلى الله عليه وسلم في معنى {تحبرون} : «هو اللذاذة ، واستماع ما شاء الله من ذكره » .
ابن عباس : {تحبرون} : تكرمون ، قتادة : تنعمون .


