من فتح الدال من قوله : {بدعا} ؛ فهو على تقدير حذف المضاف ، والمعنى : ما كنت صاحب بدع .
وقوله : لسانا عربيا : {عربيا} : حال من المضمر المرفوع في {مصدق} ، أو من {كتاب} ، أو من (ذا ) ، والعامل في الحال معنى الإشارة أو التنبيه ، و {لسانا} : توطئة للحال .
وقيل : هما حالان .
وقيل : إن {لسانا} منصوب بـ {مصدق} ، وهذا على قول من قال : إن (اللسان ) محمد صلى الله عليه وسلم ، ويبعد أن يكون اللسان القرآن ؛ لأن المعنى يكون : يصدق نفسه .
وقوله : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا : من قرأ : {إحسانا} ؛ فهو مصدر ؛ والمعنى : أمرناه بالإحسان ؛ أي : أن يحسن إليهما إحسانا ، ولا ينتصب بـ {وصينا} ؛ [ ص: 143 ] لأن {وصينا} قد استوفى مفعوليه ، وتقدم القول في نصب قوله : {حسنا} وتقديره .
فأما {حسنا} ؛ فيجوز أن يكون مصدرا ؛ كالمصادر التي اعتقب عليها (الفعل ، والفعل ) ؛ كـ (الشغل ، والشغل ) ، (والبخل ، والبخل ) ، ويجوز أن يكون اسما صفة ؛ التقدير : ووصينا الإنسان بوالديه فعلا حسنا ، ونصب بـ {وصينا} ؛ لأنه يفيد معنى : ألزمناه الحسن .
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا أي : أمد حمله ، فحذف المضاف ، ولولا هذا الإضمار ؛ لنصب {ثلاثون} على الظرف ، وتغير المعنى .
وقوله : {فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم} : من قرأ : بالتاء مسمى الفاعل ، أو بالياء غير مسمى الفاعل ؛ فظاهر ، والتقدير في قراءة من قرأ : لا يرى إلا مساكنهم : لا يرى شيء إلا مساكنهم ، فهو محمول على المعنى ؛ كما تقول : (ما قام إلا هند ) ؛ والمعنى : ما قام أحد إلا هند ، ومن قرأ بالتاء غير مسمى الفاعل ؛ [ ص: 144 ] فعلى لفظ الظاهر الذي هو (المساكن ) المؤنثة ، وهو قليل ، لا يستعمل إلا في الشعر .
وقوله : وذلك إفكهم : [من قرأ : {أفكهم} ] ؛ فمعناه : صرفهم ، وكذلك : {أفكهم} ، إلا أن فيه معنى التكثير .
ومن قرأ : {آفكهم} ؛ جاز أن يكون (أفعلهم ) ؛ أي : أصارهم إلى الإفك ، وجاز أن يكون (فاعلهم ) ؛ كـ (خادعهم ) .
ومن قرأ : {أفكهم} ؛ فهو مثل : {إفكهم} ، (الإفك ، والأفك ) ؛ كـ (الحذر ، والحذر ) .
ومن قرأ : {آفكهم} ؛ فهو بمعنى : صارفهم .
وقوله : وما كانوا يفترون : {ما} معطوفة على {إفكهم} إذا كان مصدرا ، أو اسم فاعل ، أو على {ذلك} إذا كان {إفكهم} فعلا ، أو على المضمر المرفوع في (أفك ) [إذا كان فعلا ] ، وحسن ذلك ؛ للتفرقة بالمضمر المنصوب ؛ فقام [ ص: 145 ] مقام التأكيد .
ومن قرأ : {ولم يعي} ؛ فهو شاذ قليل ، لم يأت إعلال العين وتصحيح اللام إلا في أسماء قليلة ؛ نحو : (غاية ) ، و (آية ) ، ولم يأت في الفعل سوى بيت أنشده الفراء ؛ [وهو قول الشاعر ] : [من الكامل ]
وكأنها بين النساء سبيكة تمشي بسدة بيتها فتعي
وكأن من قرأ : {يعي} شبهه (يبع ) ، فحذف العين ؛ لسكونها وسكون الياء الثانية .وقوله : لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ : ارتفاع {بلاغ} على إضمار مبتدأ ؛ كأنه قال : هذا بلاغ ، وقيل : إنه مبتدأ ، والخبر : {لهم} [من قوله : ولا تستعجل لهم ] ؛ على معنى : لهم بلاغ ؛ [فلا يوقف على هذا التقدير على من نهار ، والوقف على : {بلاغ} ] حسن على التقديرات كلها .
[ ص: 146 ] ومن قرأ بنصب {بلاغ} ؛ فعلى المصدر ، أو النعت لـ {ساعة} .
* * *
هذه . السورة مكية ، وعددها في الكوفي : خمسة وثلاثون آية ، وفي بقية العدد : أربعة وثلاثون آية ، عد الكوفي : {حم} [1 ] ، ولم يعدها من سواه
* * *