وقوله : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق الآية : رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه كأنه دخل مكة هو وأصحابه على ما وصفه الله عز وجل .
وروي : أن الرؤيا كانت بالحديبية .
وقوله : إن شاء الله : قيل : إنه حكاية ما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم في منامه ، خوطب في منامه بما جرت به العادة .
[ ص: 175 ] وقيل : خاطب الله تعالى العباد بما يجب أن يقولوه ؛ كما قال : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [الكهف : 23 ، 24 ] وقيل : استثنى ؛ لأن منهم من مات قبل دخول مكة .
وقيل : إن الاستثناء من {ءامنين} ، وذلك راجع إلى مخاطبة العباد على ما جرت به العادة .
وقيل : معنى : إن شاء الله : إن أمركم الله بالدخول .
وقيل : إن {إن} بمعنى : (إذ ) .
؛ ولذلك غلب المذكر على المؤنث ، والحلق أفضل ، والتحليق والتقصير جميعا للرجال . وليس للنساء إلا التقصير
وقوله : فعلم ما لم تعلموا أي : علم أن بمكة مسلمين .
فجعل من دون ذلك فتحا قريبا أي : من دون رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر ، وقيل : فتح مكة .
وقوله : محمد رسول الله الآية : الإخبار بالشدة والرحمة وما بعده : يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داخلا فيه مع أصحابه ، فيكون رسول الله نعتا لـ {محمد} ، والذين معه عطفا عليه ، و {أشداء} وما بعده خبرا عن الجميع ، فلا يوقف [ ص: 176 ] على هذا التقدير على قوله : رسول الله .
ويجوز أن يكون الإخبار بالشدة والرحمة وما بعد ذلك عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدخل معهم فيه ؛ لأن صفاته صلى الله عليه وسلم تزيد على ما وصف به أصحابه ، فيكون {محمد} ابتداء ، و رسول الله : الخبر ، ويوقف عليه ، والذين معه : ابتداء ثان ، و {أشداء} : خبره ، و {رحماء} : خبر ثان .
وكون الصفات في جملة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هو الأشبه ، وقد روي عن في ذلك شيء ذكرته في «الكبير » . ابن عباس
ومن قرأ : {أشداء} ، و {رحماء} ؛ بالنصب ؛ جاز أن يكون النصب على الحال ؛ كأنه قال : والذين معه في حال شدتهم على الكفار وتراحمهم بينهم تراهم ركعا سجدا ، ويجوز أن يكون النصب على المدح .
وقوله : سيماهم في وجوههم من أثر السجود : قال : يعني : أثر الطهور وثرى الأرض . ابن جبير
: هو الخشوع والتواضع . مجاهد
[ ص: 177 ] : هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة . الحسن
: هو ما يتعلق بالجبهة من تراب الأرض . مالك بن أنس
شمر بن عطية : هو صفرة الوجه من قيام الليل .
، ومجاهد : (السيما ) في الدنيا : هو السمت الحسن . ابن عباس
ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل : قال وغيره : هما مثلان ؛ أحدهما في التوراة ، والآخر في الإنجيل ، فيوقف على هذا على {التوراة} . ابن عباس
وقال مجاهد : هو مثل واحد ؛ يعني : أن هذه صفتهم في التوراة وفي الإنجيل ، فلا يوقف على {التوراة} على هذا ، ويوقف على {الإنجيل} ، ويبتدأ : كزرع أخرج شطأه أي : فراخه ، {فآزره} أي : قواه ، وأعانه ، [ ص: 178 ] وشده ، عن وغيره . مجاهد
: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا قليلا فكثروا ، وضعفاء فقووا . الضحاك
ومعنى {فاستغلظ} : غلظ .
و (السوق ) : جمع (ساق ) ؛ والمعنى : فقوى الشطء الزرع ، فاستوى الزرع على سوقه .
وقيل : المعنى : تلاحق الفراخ بالأصول ، وكذلك تلاحق بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ببعض في الإيمان .
: هذا مثل للنبي صلى الله عليه وسلم ، بعثه الله تعالى وحده ، ثم قواه بأصحابه ؛ كما نبت أصل الزرع وحده ، ثم قواه شطؤه . ابن عباس
يعجب الزراع أي : يعجب هذا الزرع زراعه .
وقوله : ليغيظ بهم الكفار : اللام متعلقة بمحذوف ؛ أي : فعل الله هذا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ ليغيظ بهم الكفار .
وقوله : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم أي : إن ثبتوا على الإيمان .
[ ص: 179 ]