وقوله: نحن خلقناكم فلولا تصدقون أي: فهلا تصدقون.
وقوله: أفرأيتم ما تمنون يعني: النطفة، يقال (أمنى، ومنى) ، و(أمذى ومذى) بمعنى.
وقوله: وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم : [أي: إن أردنا أن نبدل أمثالكم]؛ لم يسبقنا أحد.
الطبري: المعنى: نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم، وما نحن بمسبوقين في آجالكم؛ أي: لا يتقدم متأخر ، [ ص: 319 ] ولا يتأخر متقدم.
وقوله: وننشئكم في ما لا تعلمون أي: ننشئكم النشأة الآخرة في وقت لا تعلمون.
مجاهد: المعنى: في أي خلق شئنا.
غيره: المعنى: ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا، فنجمل المؤمن، ونقبح الكافر.
وقيل: المعنى: نخلق لكم أبدانا للبقاء.
وقيل: المعنى: ننشئكم في عالم لا تعلمون، وفي مكان لا تعلمون.
وقوله: ولقد علمتم النشأة الأولى أي: إذ خلقتم ولم تكونوا شيئا، عن مجاهد.
قتادة: يعني: خلق آدم عليه السلام.
وقوله: أأنتم تزرعونه أي: تجعلونه زرعا.
وقوله: لو نشاء لجعلناه حطاما أي: هشيما لا ينتفع به.
وقوله: فظلتم تفكهون أي: تعجبون، عن ابن عباس، وقاله قتادة، وعن قتادة أيضا: تندمون، وقاله الحسن.
عكرمة: تلاومون، ابن زيد: تفجعون.
[ ص: 320 ] وقوله: إنا لمغرمون : [أي: تقولون: إنا لمغرمون]؛ أي: معذبون، عن قتادة.
مجاهد: لملقون شرا.
وقيل: هو من (الغرام) ؛ وهو الهلاك.
وقوله: بل نحن محرومون أي: محارفون، عن قتادة.
وقوله: أأنتم أنـزلتموه من المزن : {المزن} : السحاب، الواحدة: (مزنة) ، قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وعن ابن عباس أيضا والثوري: {المزن} : السماء والسحاب.
وقوله: أفرأيتم النار التي تورون أي: تقدحون.
أأنتم أنشأتم شجرتها يعني: التي يكون منها الزنود.
وقوله: نحن جعلناها تذكرة أي: للنار الكبرى، عن مجاهد وغيره.
ومتاعا للمقوين : قال ابن عباس وغيره: المعنى: للمسافرين، ابن زيد: للجائعين، مجاهد: يعني بـ(المقوين) : الناس أجمعين.
أبو عبيدة: (المقوي) : الذي لا زاد معه، ولا مال.
[ ص: 321 ] ومعروف في اللغة: (أقوى) ؛ إذا فرغ زاده، و (أقوى) ؛ إذا نزل الأرض القواء، والقي؛ وهي الخالية، و (أقوى) ؛ إذا قوي وقويت خيله ونعمه، والآية تصلح للجميع؛ لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم، والغني والفقير.
وقوله: فلا أقسم بمواقع النجوم المعنى: فأقسم، قاله سعيد بن جبير وغيره.
الفراء: هي نفي؛ والمعنى: ليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف: {أقسم} .
وقيل: هي بمعنى: (ألا) للتنبيه، وقيل: هي بمنزلة (لا) التي تزاد قبل القسم؛ كقول القائل: (لا والله؛ ما كلمت فلانا) .
و (مواقع النجوم) : قيل: يعني به: نزول القرآن نجوما، عن ابن عباس ومجاهد، [وعن مجاهد أيضا: أنه] يعني به: مساقط نجوم السماء، وقاله الحسن، [وعن الحسن أيضا كقول الأول]، وعنه: أنه يعني: انكدار النجوم وتناثرها يوم القيامة.
وقوله: أفبهذا الحديث أنتم مدهنون : [يعني: القرآن، و(المدهن) : الذي ظاهره خلاف باطنه؛ كأنه شبه بالدهن في سهولة ظاهره.
[ ص: 322 ] ابن عباس: {مدهنون} ]: مكذبون.
وقوله: وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون : قال ابن عباس: تجعلون شكركم التكذيب، وعنه أيضا قال: يعني به: الاستسقاء بالأنواء.
وقيل: المعنى: تجعلون ما يقوم مقام الشكر التكذيب.
وقوله: فلولا إذا بلغت الحلقوم أي: فهلا إذا بلغت النفس الحلقوم.
وقوله: وأنتم حينئذ تنظرون أي: تنظرون إلى الميت، لا تقدرون له على شيء.
وقوله: ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون أي: ورسلنا أقرب إليه منكم، ولكن لا ترونهم.
وقوله: فلولا إن كنتم غير مدينين أي: فهلا إن كنتم غير محاسبين، ولا مجزيين، وقيل: غير مملوكين، ولا مقهورين.
وقوله: {ترجعونها} أي: ترجعون نفس ميتكم بعد بلوغها الحلقوم، وجواب (لولا) في الموضعين جواب واحد عن الفراء، وقيل: حذف أحدهما؛ لدلالة الآخر عليه.
وقوله: فروح وريحان : قال ابن عباس: المعنى: فراحة من الدنيا.
[ ص: 323 ] الحسن: (الروح) : الرحمة، الضحاك: (الروح) : الاستراحة.
ابن قتيبة: المعنى: له في القبر طيب نسيم.
ومن ضم الراء؛ فمعناه: فبقاء له وحياة.
وتقدم القول في (الريحان) .
قال الربيع بن خثيم: هذا عند الموت، والجنة مخبوءة له إلى أن يبعث.
أبو الجوزاء: هو عند قبض روحه يتلقى بضبائر الريحان.
وقوله: فسلام لك من أصحاب اليمين أي: لست ترى فيهم إلا ما تحب من السلامة، وقيل: المعنى: أنهم يسلمون عليك يا محمد، وقيل: المعنى: فمسلم أنك من أصحاب اليمين.
وقوله: وأما إن كان من المكذبين الضالين فنـزل من حميم أي: فلهم رزق من حميم.
وقوله: إن هذا لهو حق اليقين أي: إن هذا القصص.
ومعنى حق اليقين : محض اليقين، وقيل: هو توكيد، وقيل: التقدير: حق الأمر اليقين، أو الخبر اليقين، وقيل: أصل {اليقين} أن يكون نعتا لـ(الحق) ، فأضيف المنعوت إلى النعت على الاتساع، كقوله: ولدار الآخرة [يوسف: 109].
[ ص: 324 ]


