[ ص: 366 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الحشر
القول في جميعها
سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم . ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [ ص: 367 ] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون لو أنـزلنا . هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم .
[ ص: 368 ] الأحكام والنسخ :
* قوله : ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله : في هذه الآية دليل على جواز ، ونزلت الآية بسبب ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ببني النضير من قطع نخلهم وتحريقها حين تحصنوا منه ، فقالوا : قطع ثمار المشركين ، وإفساد زروعهم وأبنيتهم محمد ينهى عن الفساد ويفسد .
واختلف في (اللينة) ؛ فروي عن ، ابن عباس ، وغيرهما : أنها النخل كله ، وعن ومجاهد أيضا : أنها لون من النخل . ابن عباس
وعن ، ابن جبير ، وغيرهما : أنها النخل كله سوى العجوة . وعكرمة
وعن : أنها كرام النخل . الثوري
وعن : أنها جميع ألوان التمر سوى العجوة والبرني . أبي عبيدة
واختلف في اشتقاقها؛ فقيل : هي من (اللون) ، وأصلها : (لونة) ، وقيل : أصلها : (لينة) ، من (لان يلين) .
[ووجه نهي أبي بكر رضي الله عنه عن تحريق نخل الشام وقطعه : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان أخبرهم أن الشام ستفتح عليهم] .
[ ص: 369 ] وتقدم القول في وما أفاء الله على رسوله منهم الآية ، وفي ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى الآية ، في (سورة الأنفال) [41] .
وقد روي عن : أن قتادة ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول الآية منسوخ بما في (سورة الأنفال) ، من كون الخمس لمن سمي له ، والأخماس الأربعة لمن قاتل ، قال : وكان في أول الإسلام تقسم الغنيمة على هذه الأصناف ، ولا يكون لمن قاتل عليها شيء . قوله :