الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب : روي : أن هذا نزل بسبب مالك بن عوف الأشجعي ، وكان يشكو إلى النبي عليه الصلاة والسلام ما يجده من ابن كان له أسر ، فأطلق ولده بعد نزول هذه الآية بيسير .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن عباس ، والشعبي : هذا في الطلاق خاصة؛ أي : من يطلق كما أمر؛ يكن له مخرج في الرجعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وتأول ابن مسعود ومسروق الآية على العموم ، وروي : أن النبي عليه الصلاة والسلام تلا هذه الآية ، وقال : "لو أخذ بها الناس كلهم؛ لكفتهم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قد جعل الله لكل شيء قدرا أي : منتهى ، وقيل : تقديرا ، وقال السدي : هو قدر الحيض في الأجل والعدة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 426 ] وقوله : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم : (الوجد) : الغنى والمقدرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن : قال مجاهد : في المسكن .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله : قيل : إنه في الرضاع؛ أي : ليسترضع بقدر ما يجد ، وقيل : المعنى : من قدر عليه رزقه ، وعنده ما يبيع؛ فليبع وينفق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها أي : ما يقدر عليه من النفقة] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا : قيل : هذا في الآخرة ، وقيل : إن في الكلام تقديما وتأخيرا؛ والمعنى : فعذبناها عذابا نكرا في الدنيا ، وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا .

                                                                                                                                                                                                                                      و (النكر) : المنكر ، و (الخسر) : الهلكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قد أنـزل الله إليكم ذكرا رسولا : الآية :

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : إن المعنى : قد أنزل الله إليكم صاحب ذكر رسولا؛ فـ {رسولا} : نعت لـ(ذكر) على تقدير حذف المضاف ، وهو كقوله : وأنزلنا الحديد [الحديد : 25] ، وشبهه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن {رسولا} معمولا لـ(ذكر) ؛ لأنه مصدر؛ فالتقدير : قد أنزل الله [ ص: 427 ] إليكم أن ذكر رسولا ، ويكون ذكره الرسول قوله : محمد رسول الله [الفتح : 29] ، وشبهه .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {رسولا} منصوبا بإضمار فعل دل عليه {أنزل} ؛ التقدير : أنزل الله إليكم ذكرا ، وأرسل رسولا .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون {رسولا} بدلا من (ذكر) ، على أن يكون (رسول) بمعنى : رسالة ، أو على أن يكون على بابه ، ويكون محمولا على المعنى؛ كأنه قال : قد أظهر الله لكم ذكرا رسولا ، فيكون من باب بدل الشيء من الشيء وهو هو .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن ينتصب قوله : {رسولا} على الإغراء؛ كأنه قال : اتبعوا رسولا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يتلو عليكم آيات الله : نعت لـ(رسول) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قد أحسن الله له رزقا أي : وسع له في الجنات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن : قال ابن عباس : على كل أرض من الأرضين السبع مثل ما على هذه الأرض ، كما أن في كل سماء خلقا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن معنى ومن الأرض مثلهن أي : سبع أرضين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : يتنـزل الأمر بينهن : قال مجاهد : يتنزل من السماوات السبع إلى الأرضين السبع .

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : بين كل سماءين خلق وأمر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية