[ ص: 431 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة التحريم
القول في جميعها
يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ضرب . الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين [ ص: 432 ] وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين
[الأحكام والنسخ]
ليس فيها ما يتعلق بالأحكام سوى قوله : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ؛ فهذه الآية نزلت بسبب قوله : مارية القبطية ، روي : أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل بها في بيت ، فلما خرج كلمته حفصة في ذلك ، فقال : "فإنها علي حرام ، لا تخبري حفصة بذلك" ، فأخبرتها ، فهو معنى قوله عائشة وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا .
وقد روي : أنه أسر إلى أن حفصة من بعده ، أبا بكر الخليفة من بعد أبي بكر . وعمر
ومعنى عرف بعضه وأعرض عن بعض : عرف بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت حفصة بما نهاها أن تخبرها به ، وأعرض عن بعض تكرما . عائشة
وقيل : معنى عرف بعضه : جازى عليه ، وقيل معناه : تهدد وتواعد ، [ ص: 433 ] ومعنى التخفيف : جازى عليه ، كقولك : (أنا أعرف الإحسان) ؛ أي : أجازي عليه ، ولا يكون {عرف} بمعنى : (علم) ، لأن الله أطلعه على جميع الأمر ، وكانت المجازاة تطليقه حفصة تطليقة واحدة .
وقيل : إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يدخل عند ويقيم عندها ويشرب عسلا ، فتواصت زينب بنت جحش عائشة أن تقول له كل واحدة منهما : إني أجد منك ريح مغافير ، فقالت له وحفصة ذلك ، فقال : "بل شربت عسلا ، ولن أعود إليه" ، فنزلت الآية ، رواه حفصة ، عن عبيد بن عمير رضي الله عنها . عائشة
ولم تذكر في هذه الأخبار المتقدمة يمين ، وقد روي عن : أن تحريمه ابن عباس مارية بيمين حلف ألا يطأها ، ويدل على ذلك قوله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ؛ يعني : الكفارة ، وقيل : إنما ، وفي الحديث : حلف عليه الصلاة والسلام ألا يدخل على أزواجه شهرا ، فأمره الله تعالى بكفارة الإيلاء رضي الله عنه ، فقال : إن كنت طلقت نساءك ، فإن الله معك ، عمر وجبريل ، وأنا ، وأبو بكر ، والمؤمنون ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الشهر وخير نساءه ، [ ص: 434 ] على ما تقدم في (الأحزاب) [28 29] . أنه اعتزل نساءه شهرا ، فدخل عليه عليه الصلاة والسلام
وأكثر العلماء على أن من حرم على نفسه أمة ، أو طعاما أو شرابا ، أو لباسا ، لا يحرم عليه إذا لم يحلف ، فإن ، فهو الطلاق ثلاثا عند قال لامرأته : أنت علي حرام وأكثر العلماء ، وقال مالك مسروق : ما أبالي أحرمتها ، أم قصعة من ثريد ، وقال : ليس تحريمها بشيء ، وقال بعض العلماء : إن نوى طلاقا فهو ما نوى ، وإلا ، فليس بشيء ، وذهب قوم إلى أن عليه كفارة الظهار ، وقال قوم : إن لم ينو طلاقا ، فهي يمين . الشعبي
ولا نسخ في هذه السورة .