الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير :

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت أي : من اختلاف ، ولا تباين؛ أي : كله بما ترى فيه من أثر الصنعة دال على خالقه وإن اختلفت صوره وصفاته ، وقيل : المراد بذلك : السماوات خاصة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فارجع البصر هل ترى من فطور [أي : من شقوق] .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ارجع البصر كرتين أي : ردده مرة بعد مرة ، ينقلب إليك البصر خاسئا أي : صاغرا متباعدا عن أن يرى شيئا من ذلك ، وهو حسير أي : قد بلغ غاية الإعياء .

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بـ {كرتين} ههنا : التكثير ، والدليل على ذلك قوله : ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير [ ص: 442 ] وذلك دليل على كثرة النظر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا أي : صوتا شديدا ، وهي تفور أي : تغلي كالقدر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : تكاد تميز من الغيظ أي : على أعداء الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : معنى : {تميز} : تتفرق غضبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إن أنتم إلا في ضلال كبير : هذا قول خزنة جهنم لأهلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فسحقا لأصحاب السعير أي : بعدا لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ألا يعلم من خلق : يجوز أن تكون {من} لله عز وجل؛ والمعنى : ألا يعلم الخالق خلقه؟ ويجوز أن تكون للمخلوقين؛ والمعنى : ألا يعلم الله من خلق؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا أي : سهلة متذللة تستقرون عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      فامشوا في مناكبها أي : في جبالها ، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : في أطرافها ، وعنه أيضا : في طرقها وفجاجها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أأمنتم من في السماء أي : أأمنتم الله الذي في السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فإذا هي تمور أي : تذهب وتجيء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن أي : صافات أجنحتهن ، ويقبضنها .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 443 ] وقوله : بل لجوا في عتو ونفور أي : تمادوا في طغيان واستكبار عن الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم : هذا مثل للمؤمن والكافر ، قال ابن عباس : هو في الدنيا ، وقال قتادة : هو يوم القيامة ، يمشي الكافر فيه على وجهه .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد ، والضحاك : الذي يمشي مكبا على وجهه الأعمى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، وفي أبي جهل لعنه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فلما رأوه زلفة : قال ابن عباس : أي : لما رأوا عملهم السيئ قريبا ، قتادة والضحاك : فلما رأوا العذاب قريبا ، وقيل : لما رأوا الحشر ، ودل عليه {تحشرون} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : سيئت وجوه الذين كفروا أي : فعل بها السوء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل هذا الذي كنتم به تدعون يعني : قولهم : فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال : 32] ، وقولهم : عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب [ص : 16] ، عن قتادة ، والضحاك ، وقيل : المعنى : يدعو بعضكم بعضا إلى التكذيب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 444 ] وقوله : قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا الآية : أي : أرأيتم إن متنا أو رحمنا ، فأخرت آجالنا ، من يجيركم من عذاب الله؟ فلا حاجة بكم إلى التربص بنا ، ولا إلى استعجال قيام الساعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا أي : ذا غور ، وقيل : هو بمعنى غائر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فمن يأتيكم بماء معين أي : ظاهر ، عن ابن عباس ، أي : تراه العيون ، فهو (مفعول) ، وقيل : هو من (معن الماء) ؛ إذا كثر ، فهو على هذا (فعيل) ، وعن ابن عباس أيضا المعنى : فمن يأتيكم بماء عذب؟

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة ، والضحاك : (المعين) : الماء الجاري ، والغور : الذاهب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية