التفسير :
قيل في ن والقلم نحو ما قدمناه من القول في حروف التهجي في أول سورة البقرة ، وقد روى عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : معاوية بن قرة {ن} لوح من نور .
وروى : أن {ن} : الدواة ، وقاله ثابت البناني ، الحسن . وقتادة
وعن ابن عباس أنه قال : ، فقال له : اكتب ، فقال : أول ما خلق الله القلم
[ ص: 451 ] وما أكتب؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فكتب ، ثم خلق نون ، فرفع الأرض .
وعن قال : {ن} : الحوت الذي تحت الأرض السابعة ، قال : {والقلم} : الذي كتب به الذكر ، والضمير في {يسطرون} للملائكة ، ومعناه : يكتبون أعمال بني آدم . مجاهد
وقوله : ما أنت بنعمة ربك بمجنون : هذا جواب القسم .
وقوله : وإنك لعلى خلق عظيم : قالت رضي الله عنها : هو القرآن ، وقال عائشة : هو الدين ، علي رضي الله عنه : هو أدب القرآن : وقيل : هو رفقه بأمته ، وإكرامه إياهم . مجاهد
وقوله : بأييكم المفتون : قال : المعنى : بأيكم الجنون؟ فـ {المفتون} على هذا بمعنى : الفتون ، وقيل {المفتون} بمعنى : الفتنة ، وقيل : الباء زائدة ، والمعنى : أيكم المفتون؟ وقيل : في الكلام تقدير حذف مضاف ، والمعنى : بأيكم فتنة المفتون؟ الحسن
وقيل : فيه تقدير حذف فعل ، والمعنى : بأيكم فتن المفتون؟ وقيل : الباء بمعنى : (في) ، قاله ، والمعنى : في أيكم المفتون؟ الفراء
وقوله : ودوا لو تدهن فيدهنون : قال ، وغيره : المعنى : ودوا لو تكفر ، فيتمادون على كفرهم ، وعنه أيضا ودوا لو ترخص لهم ، فيرخصون . ابن عباس
: (الإدهان) : التليين لمن لا ينبغي له التليين . الفراء
: المعنى : ودوا لو ركنت إليهم ، وتركت الحق فيمالئونك . مجاهد
[ ص: 452 ] وقوله : ولا تطع كل حلاف مهين يعني : الأخنس بن شريق في قول . الشعبي
مجاهد : الأسود بن عبد يغوث ، أو عبد الرحمن بن الأسد ، وقيل : هو الوليد بن المغيرة .
و (الحلاف) : الكثير الحلف ، و (المهين) : الضعيف القلب ، عن . مجاهد
: الكذاب ، وقيل : معناه : الحقير عند الله ، وقيل : هو (فعيل) بمعنى (مفعل) ، والمعنى : مهان . ابن عباس
وقوله : هماز مشاء بنميم : قال ابن زيد : (الهماز) : الذي يهمز الناس بيده ، ويضربهم ، و (اللماز) : الذي يذكرهم في مغيبهم ، وقيل : هما جميعا لمن يذكر في المغيب .
و (النميم) و (النميمة) سواء .
وقوله : مناع للخير أي للمال من أن ينفق في وجوهه .
وقوله : {معتد} أي : معتد على الناس .
{أثيم} أي : ذي إثم ، ومعناه : مأثوم ، فهو (فعيل) بمعنى : (مفعول) .
وقوله : عتل بعد ذلك زنيم : (العتل) : الجافي الشديد في كفره .
الفراء : هو الشديد الخصومة بالباطل ، و (الزنيم) : الملصق بالقوم الدعي ، عن ، وعنه أيضا : أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة ، وروى [ ص: 453 ] عنه ابن عباس : أنه الذي يعرف بالشر ، كما تعرف الشاة بزنمتها . ابن جبير
ومعنى بعد ذلك : مع ذلك ، عن . أبي عبيدة
وقوله : أن كان ذا مال وبنين أي : لأن كان ذا مال وبنين جعل نعمة الله ذريعة إلى الكفر به .
ومن قرأ بالاستفهام؛ فمعناه التقرير والتوبيخ .
وقوله : سنسمه على الخرطوم : قال : المعنى : سنخطمه بالسيف ، قال : وقد خطم الذي نزلت فيه يوم بدر بالسيف . ابن عباس
قتادة : المعنى : سنسمه يوم القيامة على أنفه [سمة يعرف بها ، وقيل : المعنى : سنلحق به عارا وسبة ، حتى يكون كمن وسم على أنفه] ، وقيل : عبر عن الوجه بـ {الخرطوم} ؛ لأنه منه ، والمعنى : سنسود وجهه ، و {الخرطوم} من الإنسان : الأنف ، ومن السباع : موضع الشفة .
وقوله : إنا بلوناهم أي : اختبرناهم .
كما بلونا أصحاب الجنة : روي : أن هذه الجنة كانت لشيخ كبير ، فكان يتصدق من غلتها بما فضل عن قوته وقوت عياله ، وينهاه بنوه عن ذلك ، فلما مات؛ أقسموا ليصرمنها مصبحين ؛ أي : ليأخذن ما فيها صباحا في وقت لا يراهم فيه .
[ ص: 454 ] أحد ، ولا يستثنون ؛ أي : ولم يستثنوا في حلفهم .
وقوله : فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون : قال : لا يكون (الطائف) إلا ليلا . الفراء
وقوله : فأصبحت كالصريم أي : كالليل المـظلم ، عن أي : احترقت ، فصارت سوداء . ابن عباس؛
الثوري : كالزرع المحصود .
وقيل : {كالصريم} : كالنهار؛ فالمعنى : ذهب ما فيها ، فهي تشبه النهار في بياضه؛ لزوال ما كان فيها من الزرع ، ويقال لليل : (صريم) ، وللنهار : (صريم) ؛ لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه .
وقوله : أن اغدوا على حرثكم : أي : على حصاده إن كنتم صارمين ؛ أي : حاصدين ، وأصل (الصرم) : القطع ، وأكثر ما يستعمل في النخل .
وقوله : فانطلقوا وهم يتخافتون أي : يتسارون .
وقوله : وغدوا على حرد قادرين أي : على جد ، عن ، قتادة : أي : [ ص: 455 ] على حاجة وفاقة ، وقيل : على قصد ، وقيل : على غضب ، وقيل : على منع ، من قولهم : (حاردت الشاة) ؛ إذا منعت لبنها ، [ و (السنة) ؛ إذا منعت قطرها] ، ويقال أيضا (حرد يحرد) ؛ إذا قصد . الحسن
ومعنى {قادرين} : قد قدروا أمرهم ، وبنوا عليه ، قاله ، وقيل : معناه : من الوجود؛ أي : منعوا وهم واجدون . الفراء
وقوله : فلما رأوها قالوا إنا لضالون أي : أخطأنا الطريق ، عن قتادة .
وقال بعضهم : بل نحن محرومون أي : حرمنا جنتنا بما صنعنا .
قال أوسطهم أي : أعدلهم وخيرهم : ألم أقل لكم لولا تسبحون ؛ أي : هلا تستثنون ، عن مجاهد .
وقوله : فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون أي : أقبل بعضهم يلوم بعضا فيما كان من رأيه .
وقوله : عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها : يروى : أنهم بدلوا الطائف ، اقتلعها جبريل عليه السلام من الأردن؛ وطاف بها بالكعبة سبعا ، وأنزلها بثقيف .
وقوله : كذلك العذاب أي : عذاب الدنيا وهلاك الأموال ، عن . ابن زيد
وقوله : أم لكم كتاب فيه تدرسون أي : ألكم كتاب تجدون فيه المطيع [ ص: 456 ] كالعاصي؟ وقيل : إن {تدرسون} عامل في إن لكم فيه لما تخيرون في المعنى ، ومنعت اللام من فتح {إن} .