التفسير :
أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم : قيل : يعني : الطوفان ، وقيل : يعني : عذاب جهنم . قوله تعالى :
وقوله : يغفر لكم من ذنوبكم : قيل : {من} : لبيان الجنس ، وقيل : للتبعيض ، وقيل : هي بمعنى : (عن) ، ولا يصح كونها زائدة؛ لأن (من) لا تزاد في الواجب ، وفي كونها ههنا لبيان الجنس بعد؛ إذ لم يتقدم جنس يبين .
وقوله : ويؤخركم إلى أجل مسمى : قد تقدم القول في مثله في (سورة إبراهيم) عليه السلام [10] .
وقوله : وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم أي : سدوا آذانهم؛ لئلا يسمعوا دعاءه .
واستغشوا ثيابهم أي : تغطوا بها ، وقيل : هو كناية عن العداوة؛ يقال : (لبس لي فلان ثياب العداوة) .
وقوله : ما لكم لا ترجون لله وقارا : قال : أي : لا تعرفون لله عظمة . ابن عباس
[ ص: 489 ] الحسن : لا تعرفون لله حقا ، ولا تشكرون له نعمة .
: لا ترجون لله عاقبة . قتادة
وقيل : (الرجاء) ههنا بمعنى : الخوف .
وقوله : وقد خلقكم أطوارا يعني : نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : صبيانا ، ثم شبانا ، ثم شيوخا ، [وضعفاء ، ثم أقوياء] ، ونحو ذلك من اختلاف الأحوال وانتقالها ، و (الطور) في اللغة : المرة .
وقوله : وجعل القمر فيهن نورا : قيل : المعنى : في ناحيتهن؛ لأنه في السماء الدنيا .
قطرب : {فيهن} بمعنى : معهن .
ابن كيسان : إذا كان في إحداهن؛ فهو فيهن .
وقوله : والله أنبتكم من الأرض نباتا يعني : آدم عليه السلام؛ والمعنى : أنبتكم ، فنبتم نباتا .
وقوله : لتسلكوا منها سبلا فجاجا : (الفجاج) : الطرق المتسعة المفترقة ، واحدها : (فج) .
: يعني : طرقا مختلفة . ابن عباس
وقوله : واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا أي : هلاكا .
وقوله : ومكروا مكرا كبارا : (الكبار) ، و (الكبار) ؛ بالتخفيف ، و (الكبير) سواء .
[ ص: 490 ] وقوله : وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا : قال ، وغيره : كان قوم نوح يعبدون هذه الأصنام ، ثم عبدتها العرب ، ويروى : أن ودا كان ابن عباس لكلب بدومة الجندل ، وكانت سواع لهذيل ، وكانت يغوث لمراد ، ثم لغطفان بالحرف عند سبأ ، وكانت يعوق لهمدان ، ونسر لحمير لآل ذي الكلاع .
محمد بن قيس : هذه الأسماء أسماء رجال صالحين ، حزن عليهم قومهم لما ماتوا؛ فسول لهم الشيطان أن صوروا صورهم؛ ليتسلوا بالنظر إليها ، فلما مات أولئك؛ عبدها أبناؤهم .
وقوله : وقد أضلوا كثيرا : هذا من قول نوح ، ونسب الإضلال إليهم؛ لأنه كان بسببهم .
وقوله : مما خطيئاتهم أغرقوا : (ما) : مؤكدة؛ والمعنى : من خطيئاتهم .
وقال الفراء : المعنى : من أجل خطيئاتهم؛ فأدت (ما) هذا المعنى ، قال : و (ما) تدل على المجازاة .
وقوله : فأدخلوا نارا أي : بعد إغراقهم .
[ ص: 491 ] وقوله : وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا : دعا عليهم حين يئس من إيمانهم .
: دعا عليهم بعد أن أوحي إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . قتادة
وأصل (ديار) : (ديوار) ، (فيعال) ، من (دار يدور) .
وقوله : ولمن دخل بيتي مؤمنا أي : مسجدي .
ولا تزد الظالمين إلا تبارا أي : هلاكا ، وقيل : ضلالا ، وقيل : خسارا .