التفسير :
تقدم خبر الجن في (الأحقاف) [29- 32] .
وأنه تعالى جد ربنا أي : عظمته ، عن وقوله تعالى : مجاهد وغيرهما ، وعن وعكرمة أيضا : ذكره ، وعن مجاهد : غناه . أنس بن مالك
: قال بعض أهل التأويل : جهل الجن فيما قالوه . الطبري
وقوله : وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا يعنون : إبليس ، عن ، و (الشطط) : الغلو في الكفر . ابن جريج
وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا أي : ظننا أن لن يكذب على الله أحد .
وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن هذا من قول الله تعالى في قراءة من [ ص: 496 ] كسر الهمزة ، وهو من قول الجن في قراءة من فتحها؛ والمراد به : ما كانوا يفعلونه من قول الرجل إذا نزل بواد : أعوذ بسيد هذا الوادي- أو بأهله- من شر ما فيه .
وقوله : فزادوهم رهقا : قال النخعي : أي : ازدادوا عليهم جرأة .
، وغيره : ازداد الإنس بهذا فرقا من الجن . ابن زيد
: ازدادوا سفها ، وظلما ، وطغيانا؛ يعني : الإنس . مجاهد
: ازدادوا خطيئة . قتادة
وقيل : ازدادوا غشيانا للمحارم ، وأصل (الرهق) في اللغة : العيب؛ يقال : (فلان يرهق بكذا) ؛ أي : يعاب به .
وقوله : وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا : هذا من قول الله عز وجل للإنس؛ أي : وإن الجن ظنوا أن لن يبعث الله الخلق ، كما ظننتم .
: المعنى : ظنت الجن كما ظنت الإنس أن لن يبعث الله رسولا . الكلبي
وقوله : وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا أي : طلبنا خبرها ، كما جرت [ ص: 497 ] به عادتنا ، فوجدناها قد زيد في حرسها ، وهذا من قول الجن .
وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا أي : قد أرصد له .
وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أي : بهذا الحرس الذي حرست [به] السماء ، أم أراد بهم ربهم رشدا : قال : قال إبليس : لا أدري هل أراد الله بهذا المنع أن ينزل على أهل الأرض عذابا أو يرسل إليهم رسولا؟ ابن زيد
وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك : هذا من قول الجن؛ والمعنى : ومن دون الصالحين في الصلاح .
وقوله : كنا طرائق قددا أي : أهواء مختلفة ، و (القدد) : الضروب والأجناس المختلفة ، وواحد {طرائق} : (طريقة) ؛ والمعنى : كنا ذوي طرائق ، وواحد (قدد) : (قدة) .
وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض أي : أيقنا أنا لا نفوته بهرب ، ولا غيره .
فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا أي : نقصانا ، {رهقا} أي : ظلما .
قال : لا يخاف أن ينقص من حسناته ، ولا أن يزاد في سيئاته . ابن عباس
[ ص: 498 ] وقوله : ومنا القاسطون أي : الجائرون .
وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه : هذا من قول الله تعالى ، قيل : معناه : لو استقاموا على طريقة الحق؛ لوسعنا عليهم في الرزق ، روي معناه عن وغيره . مجاهد
: المعنى : لو أقاموا على طريقة الكفر؛ لوسعنا عليهم في الرزق؛ استدراجا لهم . الضحاك
: معنى قوله : مجاهد لأسقيناهم ماء غدقا : لأعطيناهم مالا كثيرا .
: ماء كثيرا] . [ابن جبير
لنفتنهم فيه أي : لنختبرهم ، فنعلم شكرهم وكفرهم علم شهادة .
وقوله : ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا : قال : (الصعد) : جبل في النار ، [وعنه أيضا : أن المعنى : مشقة من العذاب ، وذلك معلوم في اللغة : أن (الصعد) : المشقة . ابن عباس
: هو جبل في النار] ، كلما جعلوا أيديهم عليه؛ ذابت . الخدري
[ ص: 499 ] وأن المساجد لله : قيل : هو مردود إلى : قل أوحي إلي ؛ أي : وأوحي إلي أن المساجد لله ، وقيل : معناه : ولأن المساجد لله؛ فلا تدعوا مع الله أحدا .
ويجوز أن تكون {المساجد} جمع (مسجد) ؛ ويراد بـ (المسجد) : السجود ، ويجوز أن تكون {المساجد} التي يصلى فيها .
وقال بعض المفسرين : إنها الآراب التي يسجد عليها ، وهو بعيد .
وقوله : وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا : يجوز أن يكون هذا من قول الله عز وجل ، ويجوز أن يكون إخبارا عن الجن .
و عبد الله : يراد به : محمد صلى الله عليه وسلم .
ومعنى كادوا يكونون عليه لبدا أي : اجتمعوا عليه؛ ليسمعوا قراءته .
قال : معنى قوله : {لبدا} : جماعات ، وهو من (تلبد الشيء على الشيء) ؛ أي : تجمع . مجاهد
: {لبدا} : أعوانا . ابن عباس
وقيل : المعنى : كاد المشركون يركب بعضهم بعضا؛ حردا على النبي صلى الله عليه وسلم .
واختار أن يكون المعنى : كادت العرب يجتمعون على النبي [ ص: 500 ] عليه الصلاة والسلام ، ويتظاهرون على إطفاء النور الذي جاء به ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : الطبري إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا .
وقوله : قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا أي : ملجأ ألجأ إليه .
إلا بلاغا من الله ورسالاته : هذا مردود إلى قوله : قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ؛ أي : لا أملك لكم إلا أن أبلغكم .
وقوله : قل إن أدري أقريب ما توعدون الآية : يعني : قيام الساعة .
وقوله : فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول أي : فإنه يظهره على ما شاء من غيبه .
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا أي : ملائكة يحفظونه .
: إذا بعث الملك إلى النبي؛ بعث معه ملائكة يحفظونه من بين يديه ، ومن خلفه؛ لئلا يتشبه له الشيطان في صورة الملك ، روي معناه عن قتادة . ابن عباس
وقوله : ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم أي : ليعلم الرسول أن الرسل قد بلغت الرسالة ، وحفظوا .
[ ص: 501 ] : المعنى : ليعلم من كذب ذلك أن الرسل قد بلغت رسالات ربها ، وحفظت من استراق السمع . مجاهد
وقيل : المعنى : ليعلم الله ذلك علم شهادة .
وأحاط بما لديهم ؛ أي : أحاط علمه بما عندهم؛ أي : بما عند الرسل قبل محمد .
: المعنى : ليعلم الرسل أن ربهم قد أحاط بما لديهم؛ فيبلغوا رسالاته . ابن جبير
وقوله : وأحصى كل شيء عددا أي : أحاط بعدد كل شيء .