وهذا كما أن النعمة التي تستعمل في المعصية هي في الحقيقة ليست نعمة، فمن
nindex.php?page=treesubj&link=32409استعمل النعم في المعاصي كانت شرا في حقه؛ لأنها جرته إلى العذاب الذي هو أعظم من تلك اللذة، كمن أكل عسلا فيه سم، فإن ضرر
[ ص: 396 ] السم أعظم من حلاوة العسل.
وتحرير هذا يحتاج إلى أصول:
* الأول منها: أن نقول: إن الله تعالى قد مدح الصبار الشكور، فمدح المتصف بالأمرين جميعا.
nindex.php?page=treesubj&link=19614والشكر واجب بالكتاب والسنة والإجماع.
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=19590الصبر على فعل الطاعات، وترك المعاصي، وعلى المصائب، واجب بالكتاب والسنة والإجماع.
وقد ذكر الله تعالى الصبر قريبا من مئة موضع من القرآن.
وذكر الشكر أيضا في مواضع كثيرة جدا، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14] في غير موضع، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون [البقرة: 152].
وقال عن الشيطان:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17ولا تجد أكثرهم شاكرين [الأعراف: 17].
وأثنى على نوح بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3كان عبدا شكورا [الإسراء: 3]، وعلى إبراهيم بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه [النحل: 121]، وقال عن موسى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم الآية [إبراهيم: 7]، وقال سليمان ولقمان:
[ ص: 397 ] nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40ومن شكر فإنما يشكر لنفسه [النمل: 40، لقمان: 12].
وأمر بذكر نعمه في غير موضع من القرآن، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به [المائدة: 7]،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به [البقرة: 231]،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم [آل عمران: 103].
وأمر بني إسرائيل بذكر نعمه، مثل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم الآية [البقرة: 40].
وأيضا، فإنه ذكر أن ضد الشكر الكفر، والكفر أكبر الكبائر، وهذا يقتضي أن الشكر... الإيمان، فمن لم يشكر فهو كافر، وهكذا من لم يكن عنده شيء من الشكر فهو كافر.
وَهَذَا كَمَا أَنَّ النِّعْمَةَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعْصِيَةِ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ نِعْمَةً، فَمَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=32409اسْتَعْمَلَ النِّعَمَ فِي الْمَعَاصِي كَانَتْ شَرًّا فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهَا جَرَّتْهُ إِلَى الْعَذَابِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ تِلْكَ اللَّذَّةِ، كَمَنْ أَكَلَ عَسَلًا فِيهِ سُمٌّ، فَإِنَّ ضَرَرَ
[ ص: 396 ] السُّمِّ أَعْظَمُ مِنْ حَلَاوَةِ الْعَسَلِ.
وَتَحْرِيرُ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى أُصُولٍ:
* الْأَوَّلُ مِنْهَا: أَنْ نَقُولَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ مَدَحَ الصَّبَّارَ الشَّكُورَ، فَمَدَحَ الْمُتَّصِفَ بِالْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.
nindex.php?page=treesubj&link=19614وَالشُّكْرُ وَاجِبٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=19590الصَّبْرُ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكِ الْمَعَاصِي، وَعَلَى الْمَصَائِبِ، وَاجِبٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّبْرَ قَرِيبًا مِنْ مِئَةِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَذَكَرَ الشُّكْرَ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ جِدًّا، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لُقْمَانُ: 14] فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [الْبَقَرَةُ: 152].
وَقَالَ عَنِ الشَّيْطَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الْأَعْرَافُ: 17].
وَأَثْنَى عَلَى نُوحٍ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3كَانَ عَبْدًا شَكُورًا [الْإِسْرَاءُ: 3]، وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ [النَّحْلُ: 121]، وَقَالَ عَنْ مُوسَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ الْآيَةَ [إِبْرَاهِيمُ: 7]، وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَلُقْمَانُ:
[ ص: 397 ] nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ [النَّمْلُ: 40، لُقْمَانُ: 12].
وَأَمَرَ بِذِكْرِ نِعَمِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=7وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ [الْمَائِدَةُ: 7]،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ [الْبَقَرَةُ: 231]،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ [آلُ عِمْرَانَ: 103].
وَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذِكْرِ نِعَمِهِ، مِثْلَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ الْآيَةَ [الْبَقَرَةُ: 40].
وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ ضِدَّ الشُّكْرِ الْكُفْرُ، وَالْكُفْرُ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الشُّكْرَ... الْإِيمَانُ، فَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ فَهُوَ كَافِرٌ، وَهَكَذَا مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الشُّكْرِ فَهُوَ كَافِرٌ.