الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في صيامه يوم عاشوراء :

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة : مالك ، والشافعي ، وأحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، والترمذي وابن ماجه ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية- فلما قدم المدينة صامه ، وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة ، وترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمامان : الشافعي ، وأحمد والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- «إن أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء وأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صامه والمسلمون قبل أن ينزل فرض رمضان ، فلما افترض رمضان ، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «إن عاشوراء من أيام الله فمن شاء صامه ، ومن شاء تركه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن جابر بن سمرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ، ويحثنا عليه ، ويتعاهدنا عنده» فلما فرض رمضان لم يأمرنا ، ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي عاصم ، وابن منده ، عن رزينة خادم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رضي الله تعالى [ ص: 431 ] عنها- قالت : إن كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ليصومه- يعني عاشوراء ، ويأمرنا بصيامه ، حتى إن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضع في ذلك اليوم ، فيتفل في أفواههم ، ويقول لأمهاتهم : لا ترضعوهم إلى الليل وكان ريقه يجزئهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، وابن ماجه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء ، فقال : «ما هذا اليوم ؟ » قالوا : يوم صالح نجى الله عز وجل فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى شكرا ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «نحن أحق وأولى بموسى منكم» فصامه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : «مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوم من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال : «ما هذا من الصوم ؟ » قالوا : هذا يوم نجى الله فيه موسى ، وبني إسرائيل من الغرق ، وأغرق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرا لله عز وجل ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أنا أحق بموسى ونوح ، وأحق بصيام هذا اليوم ، فأمر أصحابه بالصوم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ، يوم عاشوراء- وهذا الشهر يعني شهر رمضان» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى عبد الله ابن الإمام أحمد ، والبزار عن علي- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصوم عاشوراء ويأمر به» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يكن يتوخى فضل صوم يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم ، والبرقاني ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «لئن بقيت» وفي لفظ «إن عشت- إن شاء الله- إلى قابل لأصومن التاسع» [ ص: 432 ] قاله مخافة أن يفوته عاشوراء ، وفي لفظ : «مخافة أن يفوتني» يعني : عاشوراء وأمر بصيامه ، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية