الباب الثاني في بيان عدد حجاته- صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة وعمره
وفيه نوعان :
الأول : في بيان حجاته- صلى الله عليه وسلم- :
روى الترمذي ، وابن ماجه ، والحاكم ، عن ابن عباس أو جابر قال : «حج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث حجج : حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر» .
قال الحافظ : «وهو مبني على عدد وفود الأنصار إلى العقبة بمنى بعد الحج ، وهذا لا يقتضي نفي الحج بعد ذلك» .
وقال سفيان الثوري : «حج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قبل أن يهاجر حججا» ، رواه الحاكم بسند صحيح .
وقال أبو الفرج- رحمه الله تعالى- : في كتاب «منير العزم الساكن» : «حج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حججا قبل النبوة وبعدها ، لا يعرف عددها» .
وقال ابن الأثير- رحمه الله تعالى- كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحج كل سنة قبل أن يهاجر لم يترك الحج وقال الحافظ الذي لا أرتاب فيه إنه- صلى الله عليه وسلم- يحج كل سنة قبل أن يهاجر لم يترك الحج وهو بمكة قط لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج ، وإنما يتأخر منهم من لم يكن بمكة ، أو عاقه ضعف ، وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة الحج ، ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب ، فكيف يظن بالنبي- صلى الله عليه وسلم- أنه يتركه ، وقد ثبت حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة ، وأن ذلك من توفيق الله تعالى له ولبث دعاؤه قبائل العرب إلى الإسلام بمنى ثلاث سنين متوالية كما تقدم في الهجرة إلى المدينة .
قال السهيلي- رحمه الله تعالى- : ولا ينبغي أن يضاف إليه في الحقيقة إلا حجة الوداع ، وإن كان حج مع الناس إذا كان بمكة كما روى الترمذي ، فلم يكن ذلك الحج على سنة الحج وكماله ، لأنه- صلى الله عليه وسلم- كان مغلوبا على أمره ، وكان الحج منقولا عن وقته ، فقد ذكر أنهم كانوا ينقلونه على حساب السنة والشهر ، يؤخرونه في كل سنة أحد عشر يوما» .


