ذكر أدلة بعض ما تقدم :
روى والشيخان ، عن الإمام أحمد ، قال : عروة بن الزبير مستندين إلى حجرة وابن عمر رضي الله تعالى عنها- وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن ، فقلت : يا عائشة- أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رجب ؟ قال : نعم . فقلت أي أمتاه ألا تسمعين ما يقول لعائشة : أبو عبد الرحمن ؟ قالت : وما يقول ؟ ، قلت يقول : اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رجب ؟ فقالت : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ما اعتمر في رجب وما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قال : يسمع فما قال لا ولا نعم . سكت» وابن عمر . «كنت أنا
وروى الشيخان عن والدارقطني مجاهد بن جبر قال : وعروة المسجد فإذا جالس إلى جنب حجرة ابن عمر فسألناه كم اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ قال أربعا إحداهن في رجب فكرهنا أن نرد عليه وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة فقال عائشة يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول عروة : أبو عبد الرحمن ؟ قالت وما يقول ؟ قال يقول : قالت رحم الله إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربع مرات إحداهن في رجب أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا وهو معه ، وما اعتمر في رجب قط . دخلت أنا
وروى والشيخان ، الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن سعد ، عن قال : أنس . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته : عمرة من الحديبية أو [ ص: 446 ] زمن الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ، وعمرة من الجعرانة في ذي القعدة ، وعمرة مع حجته»
ولفظ عن البخاري ، رحمه الله تعالى- قال : قتادة- رضي الله تعالى عنه- كم اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ قال : أربعا : عمرته التي صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية من ذي القعدة وعمرته- من العام المقبل- حين صالحوه في ذي القعدة ، وعمرته الجعرانة حين قسمت غنيمة حنين في ذي القعدة ، وعمرته مع حجته» لأنس بن مالك- . قلت
قوله : عمرته بالنصب بدل من أربع بدل بعض من كل ، ويجوز رفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف أي : هي عمرته وكذا الباقي .
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، عن وابن ماجه ، رضي الله تعالى عنهما- ابن عباس- فذكر نحوه . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر أربع عمر»
وروى والثلاثة ، وحسنه الإمام أحمد ، الترمذي ، وابن سعد ، عن محرش الكعبي : الجعرانة ليلا معتمرا ، فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ، ثم خرج عن ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت ، فلما زالت الشمس من الغد خرج من بطن سرف حتى جاء مع الطريق ببطن سرف فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس» ، وفي لفظ : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج من «على كثير من الناس» .
وروى الإمام أحمد ، عن ومسدد ، رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمرو- ولفظ «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث عمر كل ذلك في ذي القعدة ، يلبي حتى يستلم الحجر ، مسدد ، . كل ذلك لا يقطع التلبية حتى يستلم الحجر»
وروى عن ابن أبي شيبة ، رضي الله تعالى عنه- البراء- . وفي رواية له ، «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر قبل أن يحج» وأبي يعلى ، وأحمد . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث عمر»
وروى عن ابن أبي شيبة ، رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- الطائف نزل الجعرانة ، فقسم بها الغنائم ، ثم اعتمر منها ، وذلك من ليلتين بقيتا من شوال» . [ ص: 447 ] «لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من
وروى برجال ثقات- عن أحمد بن منيع- رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عمر- . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربعا ، إحداهن في رجب»
وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، وحسنه- والترمذي- وابن ماجه ، وابن سعد ، عن والبيهقي ، عكرمة ، عن رضي الله تعالى عنهما- قال : ابن عباس- . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربع عمر ، عمرة الحديبية ، وهي عمرة الحصر ، وعمرة القضاء من قابل ، وعمرة الجعرانة ، والرابعة مع حجته»
وروى ابن سعد ، عن رحمه الله تعالى- سعيد بن جبير- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر عام الحديبية من ذي القعدة واعتمر عام صالح قريشا في ذي القعدة واعتمر مرجعه من الطائف في ذي القعدة من الجعرانة» .
وروى عن ابن ماجه ، رضي الله تعالى عنهما- ، ابن عباس- قال : «قالا : وعائشة ، . لم يعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا في ذي القعدة»
وروى ابن سعد ، عن رحمه الله تعالى- قال : ابن أبي مليكة- . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربع عمر كلها في ذي القعدة»
وروى- أيضا- عن رحمه الله تعالى- عنه ، قال : عامر الشعبي- . «لم يعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عمرة قط إلا في ذي القعدة»
وروى- أيضا- عن عن ابن جريج ، رحمهما الله تعالى- قال : عطاء- . «عمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلها في ذي القعدة»
وروى- أيضا- عن عكرمة- رحمهما الله تعالى- قال : . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثلاث عمر في ذي القعدة ، قبل أن يحج»
تنبيهات
الأول : والله سبحانه وتعالى أعلم قال في الهدي : عمره- صلى الله عليه وسلم- كلها كانت في أشهر الحج ، مخالفة لهدي المشركين ، فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج ، ويقولون : هي أفجر الفجور . [ ص: 448 ]
الثاني : قال ابن القيم : لم يحفظ عنه- صلى الله عليه وسلم- أن اعتمر في السنة إلا مرة واحدة ، وقد ظن بعض الناس أنه اعتمر في سنة مرتين ، واحتج بما رواه في «سننه» عن أبو داود رضي الله تعالى عنها- عائشة- قالوا : وليس المراد بهذا ذكر مجموع ما اعتمره فإن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر عمرتين : في ذي القعدة وعمرة في شوال ، أنسا وعائشة ، وغيرهم ، قد قالوا : إنه اعتمر أربع عمر ، فعلم أن مرادها أنه اعتمر في سنة مرتين . مرة في ذي القعدة ، ومرة في شوال ، وهذا الحديث وهم وإن كان محفوظا عنها فإن هذا لم يقع قط ، وتقدم بيان عمره ، ومتى وقعت ، فمتى اعتمر في شوال ، ولكن لقي العدو في شوال وخرج فيه من وابن عباس مكة وقضى عمرته لما فرغ من أمر العدو ، وفي ذي القعدة ليلا ولم يجمع ذلك العام بين عمرتين لا قبله ولا بعده ، ومن له عناية بأيامه ، وسيرته ، وأحواله ، لا يشك ولا يرتاب في ذلك .
الثالث : قال : في «زاد المعاد» : لم يقل أحد من أهل العلم ، أنه- صلى الله عليه وسلم- اعتمر من التنعيم بعد حجه ، وإنما يظنه العوام ومن لا خبرة له بالسنة .
الرابع : قال فيه أيضا : غلط من قال : إنه لم يعتمر في حجته أصلا ، والسنة الصحيحة المستفيضة التي لا يمكن ردها تبطل هذا القول .
الخامس : قال فيه أيضا غلط من قال : إنه- صلى الله عليه وسلم- اعتمر عمرة حل منها ثم أحرم بعدها بالحج من مكة ، والأحاديث الصحيحة تبطل هذا القول وترده .
السادس : روى عن البخاري ، رضي الله تعالى عنهما- قال : البراء بن عازب- . «اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين»
وروى عن أبو داود ، قال : مجاهد ، اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ فقال : مرتين فقالت ابن عمر : لقد علم عائشة : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع ابن عمر . سئل
قال في «زاد المعاد» أراد العمرة المفردة المستقلة التي تمت ولا ريب أنهما اثنتان ، فإن عمرة القران لم تكن مستقلة ، وعمرة الحديبية صد عنها وحيل بينه وبين إتمامها .
وقال في موضع آخر : «لا يناقض حديث أي السابق- قوله : ابن عمر- ، لأنه أراد العمرة الحاصلة المفردة . «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرن بين الحج والعمرة»
ولا ريب أنهما عمرتان : عمرة القضاء ، وعمرة الجعرانة ، أرادت العمرتين المستقلتين : فإن عمرة القران ، لم تكن مستقلة وعمرة الحديبية صد عنها ، ولا ريب أنها أربع [ ص: 449 ] السابع : قول وعائشة أنس : قال في «زاد المعاد» : اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أربع عمر كلهن في ذي القعدة ، إلا التي كانت مع حجته
وهذا لا يناقض ما تقدم عن عائشة ، وغيرهما ، أي أنهن كلهن في ذي القعدة ، لأن مبدأ عمرة القران في ذي القعدة ونهايتها كان في ذي الحجة مع انقضاء الحج ، وابن عباس فعائشة ، أخبرا عن ابتدائها وابن عباس أخبر عن انقضائها . وأنس
الثامن : قول عن عروة ، ابن عمر : قال في «الهدي» : هو غلط ، فإن عمره- صلى الله عليه وسلم- مضبوطة محفوظة ، لم يخرج في رجب إلى شيء منها . أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يعتمر في رجب ،
التاسع : روى أبو حاتم : وابن حبان «أن عمرة القضاء كانت في رمضان ، وعمرة الجعرانة ، كانت في شوال ، قلت : ذكر أبو حاتم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان معتمرا عام الفتح ، وذلك في رمضان» .
قال المحب الطبري : ولم أر ذلك لأحد غيره والمشهور : أن عمرة الجعرانة كانت في ذي القعدة .
العاشر : روى عن الدارقطني ، رضي الله تعالى عنها- قالت : عائشة- الحديث» . قال في «زاد المعاد» : هذا الحديث غلط ، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر في رمضان قط ، وعمره مضبوطة العدد ، والزمان ، ونحن نقول : يرحم الله أم المؤمنين : ما اعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان قط ، وقد قالت : - رضي الله تعالى عنها- «خرجت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في عمرة في رمضان ، فأفطر ، وصمت وقصر وأتممت ، كما رواه «لم يعتمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلا في ذي القعدة . وغيره ، ولا خلاف أن عمره- صلى الله عليه وسلم- لم تزد على أربع ، فلو كان قد اعتمر في رجب لكانت خمسا ، ولو كان قد اعتمر في رمضان لكانت ستا إلا أن يقال : ابن ماجه ،
بعضهن في رجب ، وبعضهن في رمضان وبعضهن في ذي القعدة ، وهذا لم يقع ، وإنما الواقع اعتماره في ذي القعدة كما قال أنس ، وابن عباس ، رضي الله تعالى عنهم- . وعائشة-
الحادي عشر : روى في «سننه» أبو داود ، وابن سعد في «طبقاته» واللفظ له ، في عمرة الجعرانة حين خرج في شوال ، ولكن إنما أحرم بها في ذي القعدة ، قلت : قالابن سعد حدثنا ابن سابق التميمي ، حدثنا عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير عتبة مولى ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أنه قال : الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ، ثم اعتمر منها وذلك لليلتين بقيتا من شوال . وقال «لما قدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من ابن القيم في موضع آخر : هذا أي اعتماره- صلى الله عليه وسلم- في شوال وهم ، والظاهر والله تعالى أعلم ، أن بعض الرواة غلط في هذا ، وأنه اعتكف في شوال فقال إنه اعتمر في شوال لكن سياق الحديث ، وقوله اعتمر ثلاث عمر عمرة في شوال ، وعمرتين في ذي القعدة ، يدل على أن أو من دونها إنما قصد العمرة» . [ ص: 450 ] عائشة ،