ذكر أن جميع من أحصي له من قتلى ابن إسحاق قريش من المشركين يوم بدر خمسون رجلا .
قال ابن هشام : حدثني عن أبو عبيدة ، أبي عمرو أن قتلى بدر من المشركين كانوا سبعين رجلا والأسرى كذلك ، وهو قول ابن عباس وفي كتاب الله تعالى : وسعيد بن المسيب ، أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها [آل عمران : 165] يقوله لأصحاب أحد ، وكان ممن استشهد منهم يوم أحد سبعين قتيلا ، وسبعين أسيرا . وأنشدني أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك في قصيدة له ينعى قتلى بدر :
فأقام بالعطن المطعن منهم سبعون عتبة منهم والأسود
[ ص: 76 ] وقال في البداية : المشهور أن الأسارى يوم بدر كانوا سبعين ، والقتلى من المشركين كذلك ، كما ورد في غيرما حديث .
وروى البخاري عن والبيهقي قال : البراء عبد الله بن جبير -بالجيم تصغير جبر- وكانوا خمسين رجلا ، فأصابوا منا سبعين رجلا يعني يوم أحد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة : سبعين أسيرا وسبعين قتيلا . أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة
قال الحافظ : هذا هو الحق في عدد القتلى ، وقد وافق على ذلك البراء وآخرون ، وأخرج ذلك ابن عباس من حديث مسلم وقال الله سبحانه وتعالى : ابن عباس . أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها فاتفق أهل العلم بالسير على أن المخاطبين بذلك أهل أحد وأن المراد بإصابتهم مثليها يوم بدر ، وعلى أن بأحد سبعون نفسا ، وأطبق أهل السير على أن من قتل من الكفار عدة من استشهد من المسلمين ببدر خمسون ، يزيدون قليلا أو ينقصون .
فسرد أسماءهم فبلغوا خمسين ، وزاد ابن إسحاق ثلاثة أو أربعة ، وأطلق كثير من أهل المغازي أنهم بضعة وأربعون ، لكن لا يلزم من معرفة أسماء من قتل منهم على التعيين أن يكونوا جميع من قتل . انتهى . الواقدي
وروى عن البيهقي قال : قتل من المشركين يوم الزهري بدر زيادة على السبعين ، وأسر منهم مثل ذلك ، ورواه ابن وهب عن عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، قال عروة بن الزبير ، وهو أصح ما رويناه في عدد من قتل من المشركين ومن أسر منهم ، وحديث البيهقي : شاهد له ، قلت : وبالغ البراء فحكى الإجماع على ما في حديث الواقدي البراء .
قال ومن مشاهير القتلى : أبو عمر : حنظلة بن أبي سفيان بن حرب ، قتله زيد بن حارثة ، وعبيدة بن سعيد بن العاص ، قتله وأخوه الزبير بن العوام ، العاص بن سعيد قتله وقيل غيره ، علي وعتبة وشيبة ابنا ربيعة قتلهم والوليد بن عتبة ، حمزة وعبيدة كما تقدم ، وعلي وعقبة بن أبي معيط ، قتله عاصم بن ثابت صبرا [بالسيف] وقيل : بل بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك ، علي والحارث بن عامر بن نوفل ، قتله علي ، وطعيمة بن عدي ، قتله وقيل : بل قتل صبرا ، والأول أشهر ، حمزة ، وزمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد ، وابنه الحارث بن زمعة ، وأخوه عقيل بن الأسود ، وأبو البختري وهو العاص بن هشام ، وتقدم الخلاف في قاتله من هو ، ونوفل بن خويلد بن أسد ، قتله وقيل علي ، الزبير ، والنضر بن الحارث قتل صبرا بالصفراء ، وعمير بن عثمان عم قتله طلحة ، علي بن أبي طالب ، ومسعود بن أبي أمية المخزومي أخو أم المؤمنين قتله أم سلمة علي بن أبي طالب ، وأبو قيس بن الوليد أخو قتله خالد بن الوليد ، عليه السلام ، علي وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة ، قتله حمزة بن عبد المطلب ، والسائب بن أبي السائب [ ص: 77 ] المخزومي ، قتله جزم الزبير بن العوام . وغيره بأنه قتل ابن إسحاق ببدر كافرا ، وعلى ذلك جرى وخالفهم الزبير بن بكار ، ابن هشام وغيره وعدوه من جملة الصحابة ، وقال إنه من المؤلفة قلوبهم ، وممن حسن إسلامه منهم ، فالله أعلم . أبو عمر :
قال الحافظ : فيحتمل أن يكون السائب بن صيفي شريك النبي صلى الله عليه وسلم عند غير الزبير بن بكار السائب بن أبي السائب .
وروى الإمام أحمد السائب بن صيفي قال : جيء بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، جاء بي عثمان بن عفان وزهير فجعلوا يثنون علي ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تعلموني به فقد كان صاحبي في الجاهلية» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم الصاحب كنت» وذكر الحديث في هذا دليل على أنه عاش إلى زمن الفتح ، وعاش بعد ذلك إلى زمن عن قال معاوية ، وكان من المعمرين . ابن الأثير :
قال وكانت الفتية الذين قتلوا ابن إسحاق : ببدر فنزل فيهم القرآن كما ذكر لنا إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا [النساء : 97] فتية مسمين ، وهم الحارث بن زمعة ، وأبو قيس بن الفاكه ، وأبو قيس بن الوليد ، وعلي بن أمية ، والعاص بن منبه ، وذلك أنهم كانوا أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فافتتنوا ، ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعا .
وكان ممن أسر يومئذ من بني هاشم روى العباس بن عبد المطلب . عن أبو نعيم ، رضي الله عنهما : قلت لأبي : يا أبت ، كيف أسرك ابن عباس أبو اليسر ولو شئت لجعلته في كفك ؟ فقال : يا بني لا تقل ذلك ، لقيني وهو في عيني أعظم من الخندمة -وهي بفتح الخاء المعجمة وسكون النون فدال مهملة مفتوحة فميم- اسم جبل بمكة . وعقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب .
ومن بني المطلب بن عبد مناف : السائب بن عبيد ، والنعمان بن عمرو .
ومن بني نوفل : عدي بن الخيار . [ ص: 78 ]
ومن بني عبد الدار : أبو عزيز بن عمير .
ومن بني تيم بن مرة : مالك بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله .
ومن بني مخزوم ومن خلفائهم : أربعة وعشرون .
ومن بني عبد شمس وحلفائهم اثنا عشر رجلا ، منهم : عمرو بن أبي سفيان بن حرب ، والحارث بن أبي وجزة ، وأبو العاص بن الربيع ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن سائر قريش : السائب بن أبي السائب ، وتقدم ما في ذلك . والحارث بن عامر ، وخالد بن هشام أخو أبي جهل بن هشام ، وصيفي بن أبي رفاعة ، وأخوه المنذر بن أبي رفاعة ، والمطلب بن حنطب ، وخالد بن الأعلم ، وهو القائل :
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا يقطر الدم
وعثمان بن عبد شمس بن جابر المازني حليف لهم ، وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وأبو قيس بن الوليد أخو كذا ذكره في العيون تبعا خالد بن الوليد ، لأبي عمر مع ذكرهما له فيمن قتل من مشركي أهل بدر وأحد المكانين غلط ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، وأبو عطاء عبد الله بن السائب بن عائذ المخزومي ، وأبو وداعة بن ضبيرة السهمي ، وهو أول أسير فدي منهم . وعبد الله بن أبي بن خلف الجمحي ، وأخوه عمرو ، وأبو عزة الجمحي ، وسهيل بن عمرو العامري ، وعبد الله بن زمعة بن قيس العامري ، وعبد الله بن حميد بن زهير الأسدي ، هذا ما ذكره من المشاهير من القتلى والأسرى . أبو عمر