قال الله سبحانه وتعالى : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال : 17] قال محمد بن عمر الأسلمي : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ من الحصباء كفا ، فرمى به المشركين [ ص: 48 ] وقال : «شاهت الوجوه ، اللهم أرعب قلوبهم ، وزلزل أقدامهم» .
فانهزم أعداء الله لا يلوون على شيء ، وألقوا دروعهم ، والمسلمون يقتلونهم .
وروى عن ابن أبي حاتم ، ابن زيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثلاث حصيات ، فرمى بحصاة في ميمنة القوم ، وحصاة في ميسرة القوم ، وحصاة بين أظهرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «شاهت الوجوه» فانهزم القوم .
وروى الطبراني وابن جرير بسند حسن ، عن وابن أبي حاتم قال : حكيم بن حزام ، بدر سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض ، كأنه صوت حصاة وقعت في طست ، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصاة وقال : «شاهت الوجوه» فانهزمنا . لما كان يوم
وروى أبو الشيخ وأبو نعيم عن وابن مردويه ، رضي الله عنه قال : جابر بدر كأنهن وقعن في طست ، فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بهن وجوه المشركين فانهزموا . سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم
وروى الطبراني برجال الصحيح ، عن وأبو الشيخ ابن عباس : «ناولني قبضة من حصباء» فرمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه الكفار ، فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء . لعلي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
وروى ابن جرير وابن المنذر عن والبيهقي ابن عباس ، والأموي عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا» فقال له جبريل : خذ قبضة من تراب فارم بها في وجوههم ، فما بقي من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه ، فولوا مدبرين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : «احملوا» فلم تكن إلا الهزيمة ، فقتل الله من قتل من صناديدهم وأسر من أسر ، وأنزل الله تعالى : فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال : 17] .
قال ابن عقبة وابن عائذ : فكانت تلك الحصباء عظيما شأنها ، لم تترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه ، وجعل المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم ، وبادر كل رجل منهم منكبا على وجهه لا يدري أين يتوجه ، يعالج التراب ينزعه من عينيه .
قال فكانت الهزيمة ، فقتل الله من قتل من صناديد ابن إسحاق : قريش ، وأسر من أشرافهم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العريش متوشحا بالسيف ، في نفر من الأنصار يحرسونه [ ص: 49 ] يخافون كرة العدو ، رضي الله عنه قائم على باب العريش متوشح بالسيف . وسعد بن معاذ
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن البيهقي الزهري : «اللهم اكفني نوفل بن خويلد» فأسره جبار بن صخر ، ولقيه فقتله ، وقتل علي أيضا علي العاص بن سعيد ، ثم قال : من له علم بنوفل ؟ فقال أنا قتلته ، فقال : «الحمد لله الذي أجاب دعوتي منه» . علي :
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ -فيما ذكر لبعض أصحابه : ابن إسحاق- «إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ، لا حاجة لهم بقتالنا . فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البختري فلا يقتله» -وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله؛ لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان ممن قام في نقض الصحيفة- فلا يقتله ، فإنما خرج مكرها» العباس بن عبد المطلب فقال «ومن لقي منكم أبو حذيفة رضي الله عنه : «أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ، ونترك والله لئن لقيته لألجمنه السيف» فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس ، «يا لعمر بن الخطاب : أبا حفص ، أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ؟ !» فقال «يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف -يعني عمر : أبا حذيفة رضي الله عنه- فوالله لقد نافق» فكان أبو حذيفة يقول : «ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلتها يومئذ ولا أزال خائفا منها ، إلا أن تكفرها عني الشهادة» فقتل يوم اليمامة شهيدا ، قال «والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر : بأبي حفص» .
ولقي المجذر بن زياد البلوي أبا البختري ، فقال له : «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك» ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة ، وقال : وزميلي ؟ فقال له المجذر : لا والله ما نحن بتاركي زميلك ، ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك ، قال : لا والله إذا لأموتن أنا وهو جميعا ، لا تحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة ، فقال أبو البختري حين نازله المجذر وأبي إلا القتال :
لن يسلم ابن حرة زميله حتى يموت أو يرى سبيله
فاقتتلا فقتله المجذر ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني فقتلته .
قال ابن عقبة : ويزعم ناس أن أبا اليسر قتل أبا البختري ، ويأتي عظم الناس إلا أن المجذر هو الذي قتله ، بل الذي قتله غير شك أبو داود المازني وسلبه سيفه ، وكان عند بنيه حتى باعه بعضهم من بعض ولد أبي البختري . [ ص: 50 ]